العلاقات العمانية الفلسطينية امتداد لرؤية قائد وانعكاس لأصالة شعب

0
1974

( السلطنة تدعم بكل قوة الشعب الفلسطيني في كفاحه من اجل استعادة وطنه , وتعمل بنفس القوة كي يعترف المجتمع الدولي بحقوق هذا الشعب وكرامته , ونحن نرى ان معاناة الشعب الفلسطيني خلال كل هذه السنوات الطويلة بمثابة تأنيب للضمير البشري )
جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ” حفظه الله ورعاه ”
18 / 12 / 1983م
تتجاوز طبيعة العلاقات العمانية الفلسطينية تلك المساحة الرسمية او العلاقة السياسية والدبلوماسية المادية او المعتادة بين الدول الشقيقة والصديقة , كما انها تتجاوز بكل تأكيد كذلك تلك العلاقات الحتمية المفترضة المبنية على العامل الديني او اللغوي او التاريخي او السياسي بين شعوب المنطقة . ويعود هذا الامر الى العديد من الاسباب الاستثنائية والخاصة التي يقع على راسها الفلسفة الفكرية السلطانية والنظرة القابوسية الشخصية لفلسطين الارض والشعب .
ففلسطين كانت ولا زالت وستبقى في فكر جلالة السلطان قابوس بن سعيد ” اعزه الله ” قضية الامة الاسلامية والعربية الكبرى بكل مصداقية منذ قيام الكيان الدخيل على الامة كما وصفه جلالته في حديث صحفي له مع مجلة المجالس الكويتية في العام 1973م , والروح التي استمد منها بكل صدق تلك النزعة القومية للامة العربية الخالدة منذ بواكير وعيه الانساني.
نعم .. لم تفارق فلسطين الارض والقضية جل خطاباته الوطنية ولقاءاته الاعلامية والصحفية التي وجهها للداخل العماني والخارج الدولي , وليس من المستغرب ان ترتبط القضية العربية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني العظيم في فكر جلالته منذ فترة السبعينيات من القرن الماضي بكل مسارات النضال الوطني العماني ضد من اعتبرهم جلالته خطر مشابه للعدو الصهيوني على الامة الاسلامية والعربية , اقصد الخطر الشيوعي .
ففي حديث لجلالته ” ابقاه الله ” قال ( الان وقد استطعنا ان نكبح غرور الصهيونية ونجبرها على التخلي عن الصلف بعد حرب رمضان المباركة , نتطلع الى خطوة اخرى نوقف بها التغلغل الشيوعي ونبعد اخطاره عن امتنا العربية ) , اما على الصعيد الدبلوماسي فلقد انتهجت الدبلوماسية العمانية في اطار الصراع العربي – الاسرائيلي سياسة خارجية نشطة , معتمدة اطروحة معتدلة تقضي بوضع حل عادل ومتوازن للصراع , رافضة رفضا باتا الحل القاضي بالحصول على كل شيء او لا شيء .
وعلى ضوء ذلك النهج القابوسي حيال هذه الارض العربية الغالية والقضية العربية الكبرى تربت العديد من الاجيال العمانية وهي تردد بكل فخار وعزة قصيدة امير شعراء الاطفال العرب المغفور له بأذن الله تعالى سليمان العيسى ( فلسطين داري ودرب انتصاري تظل بلادي هوى في فؤادي ولحناً أبياً على شفتيا . وجوه غريبة بأرضي السليبة تبيع ثماري وتحتل داري وأعرف دربي ويرجع شعبي إلى بيت جدي إلى دفء مهدي . فلسطين داري ودرب انتصاري )
هكذا هي العلاقات العمانية – الفلسطينية . امتداد لرؤية قائد عربي اصيل , لم تفارق فلسطين الارض والشعب والقضية فكره وقلبه لحظة من اللحظات , بل كانت فلسطين حاضرة حتى في اشد لحظات البناء الوطني انشغالا , كما انها انعكاس لأصالة شعب مسلم عربي مجيد , تربى في المدرسة القابوسية , فنهل من ثوابت ذلك الفكر السامي .

الاستاذ . محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية