العلاقات العمانية الفلسطينية والحكمة القابوسية

0
1269

لقد أولى مولاي وسيدي السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان وباني نهضتها ورافع علمها وشأنها في أرضها وبين الدول الشقيقة المجاورة الخليجية والعربية والإسلامية والأجنبية .

فقد سعى منذ توليه مقاليد الحكم على إرساء دعائم المودة والمحبة والسلام والإخاء بين شعوب العالم ، فكان له أعتراف في أحدى خطبة لشعبة الطيب الأبي وكان نص الخطاب يحمل مضامين سامية راقية وأحلام جسام لايحلم بها إلا الفارس العربي الأصيل المقدام الذي تربي على الدين وأصوله والأخلاق العمانية المتأصلة في عروق أبناء شعبه كما تأصلت به بصفته فرد من شعب حمل رسالة الإسلام دون حربا ولا سلاح ، فقال قولته المشهورة ( عمان تريد أن يكون لها صداقة مع جميع شعوب العالم ، اريد أن أنظر إلى خارطة العالم ولا أجد بلد إلا وتربطه علاقة صداقة بعمان ) .

وهكذا دأب مولاي السلطان قابوس على الأنخراط في صنع علاقات طيبة وصديقة بين شعوب العالم فكرس حياته خدمتا لوطنة وشعبه .

هاهو اليوم يواصل هذه الصداقة ويثبت للعالم إنه كان وما يزال لسانه وحالة وماله يلهج بالقضية الفلسطينية ، كما يأكد على حقوق الإعتراف بهذه الدولة التي كانت هي الحقيقة الجلية في المنطقة المغتصبة من أرض فلسطين أول القبلتين ، وتجلي المكان المقدس بزيارة سيد الخلق وخاتم الرسل محمد بن عبدالله المصطفى بوطئ قدميه المباركتين بيت المقدس في رحلة البراق ، فها هو يؤكد للعالم أجمع بأن شأن القدس وفلسطين عظيم عظم المكان من حل به ومن أرد أن يكون أول توجيه للقبلة .

لم يكف السلطان قابوس بن سعيد المعظم عن حمل أمانة القضية الفلسطيتية على كاهلة فكانت رفيقة كل خطاباته التي يلقيها على مسامع ومراء شعبة والعالم في العيد الوطني لبلاده وفي مجلس الدولة ، فكانت القضية الفلسطينية وما زالت هي الشغل الشاغل الذي يحلم بتحقيقه على ارض الواقع .
وها هي تتجلا اليوم بدعوة مولاي السلطان المعظم أبقاه الله ورعاه للرئيس محمود عباس بزيارة السلطنة ، فكان هذا اللقاء الأخوي الصديق الشقيق الذي يفتح أفاق أوسع وأرحب لبحث مسار القضية الفلسطينية ، ووضع نصاب الحكمة القابوسية موضع الحل والسلام والسياسة الحكيمة في السير بالقضية إلى بر الأمان لإنجاح محادثات السلام بين الجانب الفلسطيني والجانب الإسرائيلي ، كما كان لهذا الأب الحنون على شعوب الأمة مساره السابق المعروف أثناء الحرب على غزة والتجلي العماني على أرض فلسطين في العون ، فلم تسمح القوات المحتلة لدخول أي فرد من أي دولة للأراضي الفلسطينية المحتلة إلا أبناء الشعب العماني الذين فتحت لهم كل المعابر الإسرائلية الفلسطسنية ليلتقوا بالشعب الفلسطيني وينقلون له ما يحتاجه الشعب الشقيق ، وهذه ما نسميها نحن العمانيين الحكمة القابوسية .

لقد كانت العلاقات السلطانية الرئيسة بين السلطان قابوس بن سعيد المعظم والراحل المرحوم الرئيس الفلسطسني الأسبق ياسر عرفات على صنع قرار فاصل لإقامة الدولة الفلسطينية ، وهذه الرسالة التي حملها الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بن علوي حين زار ياسر عرفات أنذاك  في مقر إقامته بغزة ، وقد رد ياسر عرفات يومها على بن علوي بأنهم سوف يصلون جميعا في القدس في صفا واحدا خلال الأيام القادمة ، وعقبت بعد ذلك زيارة الرئيس الراحل ياسر عرفات لبيل كلينتون في واشنطن لإجراء المباحثات الأخيرة بهذا الشأن ، لكن الأقدار سبقت لتأخذ الرجل المناظل ياسر عرفات لمثواه الأخير ، ويبدأ مشوار الألف ميل بخطاه الأولى للوراء .
لكن السلطان قابوس بن سعيد ضل وراء القضية ولم يتركها أبدا كما هو الواضح اليوم من خلال هذه الزيارة الكريمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وقد تكون هناك ملفات أخرى تبحث في هذه القضية لتعيدها إلى الصدارة في التقدم بالمطالبة لإقامة الدولة الفلسطينية المنتظرة منذ عهدا بعيد ، ولا غرابة أن كانت الحلول الناجعة تخرج من هنا من عمان .

فكثير من الدول حلت أزمتها وكسرت قيود معاصيمها ، وبطلت فتيل إنفجارها بالحكمة القابوسية التي أضحت وأضحة حتى لمن لا يسمع ولا يعقل مفاهيم السياسة ، فلا يختلف أثنين على أن الرئيس محمود عباس لم يأتي إلى عمان بطلب منه لهذا اللقاء إنما بدعوه شريفة من صاحب الجلالة السلطان قابوس في إيجاد مخرج وحل قادم لإنهاء هذا الصراع الأزلي الذي انهى كل معالم الإنسانية على أرض فلسطين ، وقد آن الأون أن تمارس الحرية الفلسطينية على أراضيها دون خوف أو ترقب لغدر يأتي من قريب أو بعيد ، وعلى ما أضن سوف يكون هناك نقاشات والدور الذي تلعبه في الصراع العربي الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ، فأصبحت  تدير محور السلام على الأراضي الفلسطينية  ، وعليه فلا بد من وجود حل ومساندة الحكومة الفلسطينية في المضي قدما لحل الخلاف ، دون السعي إلى عرقلة هذه الجهود المبذولة لإحلال السلام المنتظر في فلسطين .

يعقوب بن راشد بن سالم السعدي