الشيخ وهب

0
1178

وهب شاب في العقد الثالث من عمره وبه من الوسامة ما يكفي أن تعجب به كل امرأة ، رغم أن وهب ملتحي وهو إمام مسجد ويطلق عليه عامة الناس بالقرية الشيخ وهب ، نسبه إلى علم الدين الذي يحتويه عقله وقلبه وورعه .

لم يراه أحد إلا ويجلس معه في حديث الدنيا والأخرة ، لا يختلف أثنين في هذه الأوصاف بالقرية إنها تعني الشيخ الإمام وهب ، ولما يراه الناس فيه من سيماء الورع وتوسم الخير في قوله وصنيعه وبياض ثوبه وعمامته ، يستطيع أن يحلف وهو متوضئ على المصحف بأن الشيخ وهب وإن فعل منكر أو معصية أمامه لا يصدق أبدا ، فبلغت ثقة أهل القرية من الشيخ وهب مبلغها ، فكان يقربه إلى بيته القاصي والداني ، الغني والفقير ، كما كان محل مشوره ورأي وكلمة عند شيخ القرية ، فلا يحلون أمرا في الدين والدنيا إلا كان الشيخ وهب حاضرا .

مرت الأيام خلال السنة الأولى في لمح البصر لم يحسبها أحد أو يحس بها مطلقا من تعيين وهب كإمام للمسجد بالقرية ، فقد تفاعل الجميع معه وأصبح فردا من أبناء القرية رغم أنه في الأصل من ولاية أخرى تبعد الكثير عن الولاية التي عين بها وبالقرية تحديدا ، مقابل المسجد بيت شامس الذي ينكشف فناءه بمجرد الوقوف أمام المحراب في باحة المسجد ، وشامس متزوج من امرأة جميلة جدا وله منها أبنين وبنت ، زوجة شامس امرأة دائما ما تهتم بهندامها ونظافتها الشخصية ونظافة بيتها ، فكانت كل صباح بعد ذهاب زوجها شامس لعمله تقوم بكنس فناء المنزل الداخلي ثم تفتح الباب لتكنس خارجه ، وبعدها تقوم برمي المخلفات من ورق الأشجار والأتربة في مجمع القمامة مقابل المنزل ثم تعود لإستكمال ما تبقى من عمل داخل المنزل .
أحد الأيام وقف الشيخ وهب يحتسي قدح الشاي أمام المحراب مقابل لمنزل شامس والشارع الذي يفرق بين المسجد والمنزل ، لاحظ الشيخ وهب زوجة شامس وهي تقوم بكنس الفناء الخارجي للمنزل وشاهد جمالها وإنسدال شعرها الذي غطا كتفها حتى وصل إلى خاصرتها ، تابع الشيخ وهب زوجة شامس وهي تعمل دون أن يتحرك من مكانه ، فجمالها لم يترك له خيار التحكم في مشاعره التي فاضت شوقا وحنين لهذه المرأة ، أخذت زوجة شامس تحني ظهرها لتجمع ما كنست فبرزت مؤخرتها الممتلئة التي فقدت الشيخ وهب سلطان تقاه وورعه فسقط قدح الشاي من يده التي أخذت ترتجف وكأنه أصيب بمس جان إنهارت معه كل أعصابه وتشابك كيانه ، فلم يكن يدرك من هو وماذا يفعل ولماذا .

وجبت صلاة المغرب وحضر شامس كالعادة إلى المسجد لتأدية الصلاة والتقى بالشيخ وهب الذي ضم شامس يداه الأثنتين على يد الشيخ وهب إحتراما وتقديرا له ، فكان الشيخ وهب ينظر إلى شامس ونفسه تعج بالأحاديث والخيال في إسترجاع عالم الصباح ، فكان شارد الذهن وكأنه جسد بلا روح ، أنتبه شامس لشرود الشيخ وهب من جحوظ عينيه وتسمرها في وجهه دون حراك ، فهز شامس يداه وزاد قبضته على يد الشيخ وهب فأفاق من غيبوبته المؤقتة إلى عام الواقع ورحب بشامس وأمسك بيده وكأنه يقتاده إلى دخول المسجد حتى دناه منه ليكون ستره الإمام ، بعد إنتهاء الصلاة رمى الشيخ وهب كلمة كانت تعني الممازحة لكنها في الواقع كانت سلاح ذو حدين فقال لشامس ( أخي شامس ولا حتى يوم طلبتنا للعشاء معك أكرمك الله ) ، أطرق شامس رأسه خجلا من الشيخ وهب وقال على عجل بنخوة أهل القرى والبلدان ( تم طال عمرك الليلة العشاء عندي .. موه قال ) فرد الشيخ وهب ( تم فالك طيب محد يرد عزيمتك الأخ شامس ) ، ذهب شامس للمنزل وأخبر زوجته بأن الشيخ وهب اليوم سوف يكون معهم على العشاء ، فأعدت الزوجة ما استطاعة على مائدة العشاء .

حضر الشيخ وهب لمنزل شامس فما كانت عيناه تقفان بمكانهما أبدا ، كان يلتفت ويترقب شامس أن يفتح باب المجلس ويغلقه حين يدخل ويخرج من وإلى داخل المنزل ليأتي بالقهوة ثم العشاء ، كان يتمنى أن يلمح بعينيه ولو مرة زوجة شامس عن قرب ، لقد سحرت زوجة شامس الشيخ وهب بجمال وجهها وتناسق جسدها وبروز مفاتنها ، فأصبح وأمسى سجين حبها ورغبات الوصول إليها ، نسى كل ما حفظه من القرآن والسنة النبوية ، تجرد من كل الأخلاق والفضائل ، فقد كان الشيطان الذي يسكنه أقوى من كل ما أكتسبه الشيخ وهب في حياته الدراسية والعملية من علم الدين والفقه .
كل صباح يخرج الشيخ وهب ليراقب شامس وهو يبتعد عن البيت مبتعدا إلى طريق عمله ليراقب من خلفه زوجته التي هي بدورها لم تفكر ولو للحظه أن ترفع رأسها ناحيه المسجد لترى الشيخ وهب وهو يسترق النظر إليها وإلى مفاتنها ، ترك الشيخ وهب قدح الشاي على جدار المسجد ولم يكمل شربة ، نزل من المسجد إلى بيت شامس فطرق الباب ، عندما سمعت زوجة شامس الطرق على الباب ولت إلى الداخل مسرعة وأتت بلحاف يسترها ثم فتحت الباب فإذا بالشيخ وهب يقف عن عتبة بابها ، حياها فبادلته التحية وقالت له ( تفضل أخوي فخاطرك شي ) فرد الشيخ وهب قائلا ( أنا الشيخ وهب أعتقد أنك سمعتي عني أهل القرية ) فقالت ( نعم الشيخ وهب تفضل بغيت شي ) فرد بكل برود ووقاحة ( نعم أريدك انت ) فصفعته المرأة وأغلقت الباب في وجهه وهي ترتشف أنفاسها تباعا وكأنها جرت ألف ميل في ثانية واحدة ، لقد كانت الصدمة كبيرة فلم تتوقع بان الشيخ وهب من يتحدث عنه الناس بالورع والتقوى يكون بهذا الإنحطاط الأخلاقي .

رجع شامس من عمله مثل كل يوم فلاحظ على زوجته الشرود الدائم ، وسألها لكنها لم تجبه بالحقيقة المرة التي صدمتها هذا اليوم على عتبة باب منزلها ، ورأت أن تترك الأمر للأيام وظنت أن الشيخ وهب لن يعود إلى فعلته مرة أخرى خاصة بعد أن صدته ، لكن في اليوم الثاني بعد أن خرجت من منزلها كالعادة متجهه إلى مكب القمامة لرمي المخلفات لحقها الشيخ وهب وحاول مرة أخرى التودد لها فصدته مرة أخرى وبتعدت عنه مسرعة إلى الداخل ولم تعره أهتماما ، وفي اليوم الثالث كرر الشيخ وهب فعلته مرة أخرى ، فخافت أن يكون قد شاهدهما أحد وهو يتحدث لها فيظن ما يظن بها ، وعند عودة شامس من العمل أخبرته بما دار معها خلال الأيام الماضية ما الذي حدث من الشيخ وهب ، فذهب شامس بدوره منزعجا إلى أبناء عمه وأخبرهما بما حصل من الشيخ وهب مع زوجته ، فقترح عليه أبناء عمه أن تأخذه بالسياسة فتقربه للبيت وتدخله غرفة النوم ثم تخرج وتقفلها وتترك الباقي عليهم ، وهكذا قامت زوجته شامس في اليوم الرابع عندما حاصرها الشيخ وهب وهي خارجه من البيت لترمي المخلفات فدعته إلى البيت بحجه أن زوجها غير موجود وهو يعلم ذلك ، صدقها الشيخ وهب وخاصة أنه يسعى لها من مدة طويلة وقلبه متعلق بها .

أدخلته الغرفة وقفلت الباب خلفه وعندما نادى عليها قائلا ( ليس قفلتي علي الباب ) قالت له ( أسير أشل الأولاد بيت الجيران علشان لا يضيعوا علينا ويخبروا أبوهم ) أقتنع الشيخ وهب من كلامها وخلع كل ثوب على جسده ورمى بنفسه على السرير منتظر زوجة شامس أن تعود إليه ، لكن عندما فتح باب الغرفة شاهد الشيخ وهب شامس وأبناء عمه هم من يدخلون الغرفة وبيد كل واحد منهم عصا وأخذوا بضرب الشيخ وهب وهو عاري تماما من الثياب ثم ربطوه على السرير وجعلوه نائما على بطنه ثم أت بموس الحلاقة وحلقوا له لحيته ثم تناوبوا عليه فغتصبوه واحد تلو الأخر وهم يصورونه بالهاتف النقال وهو يصرخ ولا مجيب له سوى ألمه ، وعندما أنتهوا منه قالوا له ( أسمع زين ياشيخ الغفلة .. لو فتحت ثمك بشي وتكلمت بننشر الفيديو وبتكون فضيحتك في العالم كله ) فقال الشيخ وهب وهو يتوسلهم ( ما راح أتكلم أبدا ولا راح تشوفوني في هذه البلد عقب ما شفتوني .. بس أوعدوني أنكم ما تنشروا الفيديو أبدا ) ، غادر الشيخ وهب القرية وهو ملثم حتى لا يراه أحد تاركا خلفه كل شيء حتى شرفة الذي أنتزع منه بالقوة كما حاول هو نزع شرف الأخرين

أمسى النهار وحل اليل وكل من بالقرية من المصلين يبحثون عن الشيخ وهب ، فقد تغيب عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يحضر أبدا ، فبدأ البحث عنه والسؤال كل فرد من القرية لكن دون جدوى ، فعمد البعض على أن الشيخ وهب ذهب إلى ولايته ربما تلقى مكالمة هاتفيه تفيد بمرض أحد أقاربه أو وفاتهم ، لكن الأيام تمضي وهاتف الشيخ وهب مغلق ولا يعرف عنه أحد شيء ابدا غير شامس وأبناء عمه الذين أكتفوا بالنظر ومتابعة الأحداث ، حتى تم إبلاغ الوزارة التي بدورها أفادتهم بتقديم الشيخ وهب لإستقالته ، تعجب أهل القرية ما الذي جعل الشيخ وهب يخرج من القرية ويقدم إستقالته دون أن يخبر أحد وهو محل تقدير وإحترام الجميع .

يعقوب بن راشد بن سالم السعدي