عمان جوهرة البلدان ودرة الأوطان

0
538

محطات ووقفات ومناسبات وطنية تحتفي بها الشعوب والدول تخليدا لها في نفوس الناشئة وتذكيرا لها بمنجزاتها.

عمان شامة في الجبين خالدة ودرة من الدرر وجوهرة مكنونة من الجواهر ولؤلؤة عز مثيلها وقل شبيهها وندر مضاهيها من الأوطان.

حب الوطن فطرة لمن استقامت فطرته والتعلق به جبلة لمن لم تتكدر نفسه أو تنحرف فطرته وخصلة حميدة راسخة.

التعلق بالوطن متوارث ومن هنا رأينا الشعراء والأدباء في الجاهلية والإسلام يتغنون ببلدانهم ومناطق سكناهم ولو كانت بادية نائية أو صحراء جدب قاحلة أو مغارة خشنة في جبل صلد او كهفا بين صخور صماء.

وكم من قصائد في عصور ماضيات ونثريات في أزمنة غابرات تمتدح الموطن وتصف المكان ولو كان مجرد عريش أو كانت السكنى قرب نبع ونهر قليل ماؤه ضئيل تدفقه.

التعلق بالوطن ضرورة فطرية والاستمساك بالمكان طبع في الإنسان ولو لم يكن حدائق غناء ولا واحات خضراء ولا جنات من خضرة وجمال المنظر ومن هنا رأينا كثيرا من الناس إذا بنيت لهم قصورا وأنشأت لهم دورا وزخرفت لهم أسقفا وجدرانا إلا أنهم يأبون الانتقال عن موطنهم أو العيش خارج المكان الذي اعتادوا عليه وأقرب مثال لذلك إصرار الآباء والأمهات على عدم ترك بيوتهم وحاراتهم التي ولدوا فيها وعاشوا بها.

الوطن محبوب ولو كان العيش فيه كعرش بلقيس وملك سليمان وهو محبوب ولو كان جدبا أو قعر واد أو قمة جبل صلد أو مكان منحاز بربوة وما سمي وطنا إلا لأن النفس توطنت عليه ومالت إليه لا ينازعها فيه أحد إلا دافعته ولو بقوة السنان وجميل البيان.

رسول الله رغم أن الكون كله له مفتوح ورغم أن أبواب السماء له مشروعه ورغم قول جبريل عليه السلام له تقدم يا محمد فإنك إن تقدمت اخترقت ولو تقدمت أنا عليك لاحترقت ورغم استقبال ملائكة السماء له واحتفاء الأرضين به إلا أن فؤاده معلق ببلاده مكة التي أخرجته وهاجر منها بعد التضييق عليه ومع ذلك قال إنك أحب البلاد إلي ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت منك.

ومن هنا كان المستعمرون إذا أرادوا إيقاع عقوبات قاسيات ضد من تعمق فيهم حب الوطن شردوا به في المنافي وحكموا عليه بالنفي خارج بلاده إمعانا منهم في إيذاء روحه.

العمانيون عمان لهم كالمعصم بالنسبة للكف وكالشبكية بالنسبة للعين بل عمان البوبؤ والقرنية والقزحية بل عمان العين والرمش والحاجب فالذود عن العين لازم والدفاع عنها واجب فمن فقد عينه أو مكن غيره منها بات ضرير البصر أعمى النظر وكنوز الأرض لا تغني عن ذهاب عينه وتقطع شبكيته.

عمان ذاد عنها بنوها لأنهم بها متعلقون ودفعوا عنها أذى كل غاز من أموي أو عباسي أو فارسي أو برتغالي فكل قوة وجودها غير شرعي دفعوها عن بلادهم وذلك حب وطن خالد في العقل ساكن في القلب راسخ في النفس.

هاجر عمانيون من عمان لضيق عيش أو فقدان أمن بسبب احتراب داخلي وانقسام قبلي أو جهوي ونزحوا عنها كما يعبر عن ذلك شاعر الإسلام أبو مسلم البهلاني إلا أنه استمر قلبه وهو في غربته معلق بعمان يستنشق هواها وهو جسدا عنها بعيد ويستعذب ذكر حروفها وقد نأت به الديار ويستلذ الحديث عنها وقد طال البعد والفراق.

عمان مرتع الصبا وموطن الأجداد ومستقر النفس وسكن الروح نشأ العماني عليها وفيها تربى وتنفس هواها ومشى على رباها فهو بها معلق.

مناسباتها الوطنية فخار له وعز تزيده احتفاء بها وميلا إليها وهياما بها وعشقا لها وغراما وولها وحبا وذوبانا فيها.

لا علاقة لحب الوطن بشضف عيش أو رخائه ولا بكونه جنة خلد الدنيا أو فقره من الموارد ولا علاقة لحب الوطن بما يجده من روح الحياة فيه أو بؤسها فالوطن محبوب لذاته ومن هنا رأينا شعوبا تذود عن أوطانها ولو كانت في أصعب حال.

الطموح مطلوب والرغبة في تنمية الاوطان لازمة وتحسين المستويات ضرورة لضمان الاستقرار الحسي والنفسي وعيش رغيد خير من عيش فيه شضف ومع ذلك حب الوطن لازم.

التعرض للوطن بسوء بالقول أو الفعل دليل على ارتكاس فطرة وانتكاسة سلوك والدفاع عن من يضمر له السوء مذمة ومنقصة أما الذود عنه بالسنان واللسان ولو مع ضيق الحال فمحمدة ومنقبة.

عمان ذلكم الوطن الأشم قمم جبالها تحكي عنفوان العماني وشموخه وقعر أوديتها تحكي أنها مقبرة لكل دخيل عليها أو طامع بها وسواحلها مدعاة للتأمل فيها وصحراؤها تعني قدسية كل حبة رمل فيها وداخليتها تعني إباء العماني وقوة الانتماء لعمان.

إنها عمان موطني وموئلي ومرجعي وسنا الأقمار والكوكب الدري والنجم الساطع المتألق في سماء الكون وعمان الشمس الساطعة الدافئة غير المحرقة.

وعمان القمر المنير والبدر والهلال لا يلحقه محاق ولا يعتريه ظلام.