ذكريات لاتنتسى (2)

0
990

 

✒️خالد بن سعد الشنفري

تم نقلنا الي مسقط على دفعتين كل يوم دفعه وكان دوري في دفعة اليوم الثاني، لاول مره نشاهد الطائرات عن قرب، أوصلتنا حافلة المدرسه الي تحت الطائره، كانت طائره عسكريه بمروحتين، لم يكن بها كراسي ثابته بل عباره عن سيور بلاستيكيه وحبال سميكه على شكل شباك مطويه ومثبته على جوانبها، فقد كانت على مايبدو مخصصه للغرضين نقل الجنود او المعدات حسب الحاجه.

كان مدرج أرضية المطار العسكري القديم (المحطه) في صلاله قد أصبح مسفلتا بعد سنة ١٩٧٠ ، عندما أسرعت الطائره على المدرج استعدادا للاقلاع أصبح لصوتها هديرا ذكرني ببيت الشعر القديم لشاعر الغناء الظفاري الراحل جمعان ديوان:-

اذا طارت ساوت دويه
اذا حطت ساوت عصاره

ساوينا محطه في جرزيز
جمع الناس فيها محتاره

هذه القصيده المغناه التي انتشرت في الخمسينات من القرن المنصرم بعد انشاء المطار العسكري بصلاله وكان يطلق عليه محليا مسمى (المحطه) والتي كانت تسمى رسميا ( R F) او محطة الأريف وهو مصطلح انجليزي تمت ترجمته حرفيا للدارجه الظفاريه ويعني سلاح الجو السلطاني.

تحقق لي في هذا اليوم سماع صوت هذا الهدير (الدويه) للطائره وهي تقلع عن قرب
اما مشاهدة العصاره فلن يتحقق لان زمانه قد ولي َوالمدرج
أصبح مسفلت ولم يعد ترابيا ممهد كما كان في الخمسينات لتحدث الطائره خلفها وهي تهبط عصاره (غبار رمال يشبه الإعصار) كما كانت.

كنا نترقب رؤية الحبيبه صلاله من الجو، الا ان وجود المقاعد على الجوانب جعل النوافذ خلف رؤسنا ولم نتمكن الا من الرؤيه من خلال النوافذ المقابله على الجانب الاخر ومع ذلك حددنا المناطق على الارض، لم تكن مناطق صلاله حينها متصله عمرانا كما هي عليه اليوم وتمكنا من تحديد المناطق الثلاث بوضوح بل وحتى بيوتنا ، صلاله الشرقيه، صلاله الغربيه، صلاله الوسطى (كانت تسمى حافات قديما) والحافه البندر الرابضه على شاطي بحر العرب بجوار حصن القصر الشامخ وتقبع عوقد الي غربها تفصلها مسافه اكبر قليلا والدهاريز الي الشرق بجوار خورها الجميل.

كان بعضنا يؤشر بيديه مودعا
وكأن من على الارض يراه، حتى توالى ارتفاع الطائره تدريجيا، أجمل ماشدني مناظر بحر العرب الذي اتسع أفقه من الجو كثيرا وشاطئه وأشجار نخيل النارجيل الباسقه الواقعه على امتداد ذلك الشاطي وقد كانت كثيره وكثيفه وشبه متصله من عوقد الي مزرعة ارزات ، على مايبدو ان الكابتن قائد الطائره بعد أن عرف ان ضيوفه اليوم طلبة كشافه ولاحظ شغفهم بالاكتشاف استمر بالتحليق بدء من عوقد الي طاقه ومرباط منخفضا على طول امتداد الشاطى حتى يمكنهم من الرؤيه والاكتشاف من الجو.

هبطت طائرتنا بمطار السيب، كان في انتضارنا حافله نقلتنا منه الي مقر مخيم عمان الكشفي بالمرتفعه ، شارع قابوس الممتد من المطار إلى مسقط لم يكن ثلاثي ورباعي المسارات كما هو عليه اليوم فقط بمسار واحد يمتد كالشريط ، على طول هذا الطريق إلى روى لاتكاد ترى حياه او شي ملفت بنيانا وعمران.

*يتبع (3)*