الشيخ المحقق والفتى الزاهر

0
1381

بقلم/ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

بين شعاب الذكر وأودية الفكر هام ذلك الحبر ومضى ينثر النور والطهر وفي سبيل الله أفنى العمر فنال الشهادة وفاز بالأجر

وبكل الشوق والأشجان كان يتلو الأذكار بين الشعاب منشرح الصدر ولهان
وقد اختار له مكانًا بين الجبال والوديان

وقد ضمىء لتلك الأذكار ليطفىء نفسه ويشعل تلك الليالي بأنفاس روحه بعيدًا عن الخلق متواريًا عن الأنظار فكان بحرًا من بحور العلم لا يبارى ولا يشق له غبار

امتزج التسبيح بروح المُسبِح وقد تفاعل معه الجسم فلم يقتصر التسبيح على اللسان والفم فحسب بل شمل كل ذرات الجسم وقد تكلم القلب كالفم وكان الذِكرُ كاليم

تبوأى المكانة بين السالكين وكان أشهر العارفين حباه الله باليقين واتخذ من القرآن منهلًا فكان لهُ أصفى موردًا وأعذب معين
ونشر الحمد بين الكائنات فطوبى للحامدين

عرف بالمحقق وعرف بالنحرير كان يمشي بين الناس بنور العلم كالأمير ولم يبالي في سبيل الله بالمصير همه رضى الله القدير
ولو كاده الخلق فهو يبتغي الحق فإما النصر وإما الشهادة وقد تخلق بالقرآن وتوشح بالعلم الغزير رحم الله شيخنا النحرير

لم يلتفت لحظوظ النفس لأنها ترغب بالمزيد باع نفسه لله فاختاره الله عنده ليموت شهيد أخلص النية فتفجرت شرايينه بالذكر وسبح منه كل وريد

قال:عنه الفتى الزاهر والأديب الشاعر زاهر بن سعيد السابقي حفظه الله
في قصيدته نقشٌ على النور ( لمحة من بين الخيام ) في حضرة العلامة المحقق الشهيد سعيد بن خلفان الخليلي قدس الله سره ونفعنا بعلومه ……

وهذه القصيدة من ديوانه ومجموعته الشعرية (شجن) التي تلامس القلب قبل الأُذن
فلامست كلماته منا شغاف القلوب ًوهو أحد تلامذة الشيخ الفقيه حمود بن حميد الصوافي حفظه الله وأبقاه

أترككم مع هذا النظم الجميل والفن الأصيل نسأل الله أن ينفع به العباد وأن يستقي منه كل جيل رحم الله أنصار الحق من الأئمة والرعيل

نقشٌ على النور…✨
في حضرة المحقق الشهيد سعيد بن خلفان الخليلي قدّس الله سرّهُ…

سارٍ…و أسرجَ أشواقا وأشجانا
و راحَ بين شعابِ الذكرِ ولهانا!

قد أطفأ النفسَ من جنبيه مشتعلا
بالروحِ… تشبههُ الصحراءُ…ظمآنا…

كثبانُه الوَجدُ… كم غاصتْ ملامحُهُ
و العينُ لو ظمئَتْ…تَسقيكَ كثبانا!

يستثقلُ الرانَ في ظَهرِ المسير… وهل
يسير لله من يستخففُ الرانا؟!

سارٍ… و ما ألهمتهُ الريحُ وجهتهَا
بل الخيامُ … حداءاتٍ… وتَحنانا!

هناكَ ….حيث خيامُ العارفين قُرى
و حيثُ سكّانُها حمدٌ وسبحانَ!!

و حيثُ نارُ اشتياقٍ كلما هدأت
ألقوا لها من كثيفِ الهمِّ عيدانا!

سارٍ… ويلمحُ من بينِ الخيامِ سنًا
كأن للصبحِ في الأسحارِ أوطانا

هناكَ ألفى إمامًا كلُّه سُبَحّ
أتى من العالم العُلويِّ إنسانا

أتى وفي عينه الأسرارُ مشرعةً
حتى غدا الكونُ من عينيهِ رَيَّانا

و أزهر الروضُ من أنسامِ راحتِه
و غرّد الأيكُ ألحانًا وألحانا

يا حبذا بوشرُ الأرواحِ من بلدٍ
و حبذا ساكنو واديهِ من كانا

كأنهم من شذورِ المجدِ قد خُلقوا
لذا تراهم لسفرِ المجدِ عنوانا

توشّحوا برداءِ النورِ وادرّعوا
ترسَ الحضارةِ ساداتٍ وشجعانا

و ما تنفّس منهم سيدٌ لبقٌ
إلا و ينشرُ في الآفاق ريحانا

هو الخليليُّ للإيمانِ خُلَّتُه
هو السعيدُ سعيدٌ نجل خلفانا

تعتق الذكر في أعماقه فغدا
يمشي على ملكوت الله قرآنا

تقلّد الألقَ المكنونَ من صغرٍ
و قلّدَ الوطنَ الميمونَ تيجانا

يا شيخَ طيوانَ كم يطوي الفتى فتنا
يا بَسْطُ كم يبسطُ النحريرُ تبيانا!

تفجّر الفكرُ شلالًا بفطرته
فاخضرّ ربعُ عمانِ الخير وازدانا

و كان للظلمِ في آفاقها ظُلَمٌ
فأشرق العزُّ … كانَ العزُّ عزانا

و لم تزلْ تلكمُ الأنوارُ ساطعةً
و لم يزل شيخنا حيًا هنا الآنا

يجري على عطش الأرواح مندفقا
فلم يدع من ندامى الوحي عطشانا

ومدَّ معراجَه للركبِ يسلُكه
من بعد ما كان في الصحراء حيرانا

تمرُّ ذكراك في سري فتدِفنَني
حيا وينزف قلبُ الكونِ أحزانا

أُكتِّمُ الحزنَ في صدري فيفضحُني
دمعٌ تفجر من ذكراكَ طوفانا

فدى ضريحِك هذا الكونُ أجمعُه
مذ كنت يا سيدي للكون شريانا

عليك من سحُبِ الرحمن واكفةٌ
تروي حناياهُ أسحارا وأصلانا