نفحاتٌ رمضانيه

0
1376

ولو علمتم ما في رمضان لتمنيتم أن يكون سنة

من منطلق هذا الحديث الشريف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أبدأ مقالي وهو من الجامع الصحيح مُسند الإمام الربيع رقم الحديث٣٣٢.

ويعد من أصح المراجع للأحاديث النبوية الشريفة وأقدمها وذلك لرواته الجهابذة الثقات، ولا شك أن الحديث عن فضل شهر رمضان المبارك لا ينتهي بل تجف الأقلام ويفنى الورق ولا يمكن لأحدٍ منا أن يحصي فضله إلا من بيده الفضل وحده سبحانه

وهنا أسترجع معكم قول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ -لقمان 27

أي لو كانت أشجار الدنيا جميعها أقلاما تكتب والبحار مداد لها لم تنتهي من كتابة كلام الله بل تفنى الأشجار وتنضب البحار ولن تبلغ من كلمات الله شيئا كذلك فضل شهر رمضان المبارك وإلا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لتمنيتم أن يكون سنة

ورمضان هو موسم العبادات وشهر الطاعات والقربات من اغتنمه ظفر ومن جاهد نفسه فيه فاز ووصل، وهنا أقول على المرء أن يجعل من شهر رمضان فرصة للتوبة النصوح والإقلاع عن المعاصي والذنوب ومعاهدة الله تعالى على عدم العودة إليها بل وتجديد العهد مع الله بالثبات على الحق والدين فإلى متى التسويف وإلى متى الغفلة والعمر يمضي كأنه لحظة فإما إلى نار والعياذ بالله وإما إلى جنة فالبدار البدار أحبتي إلى ما عند الغفار فلكل نبأ مستقر ونحن عما قليل راحلون ولاشك أننا إلى الله منقلبون .

فلا تجعلوا شهر رمضان يمر علينا هكذا وكأن شيئًا لم يكن فلو لا رحمة الله وفضله لما وهبنا شهر رمضان رحمة للعباد وكفارة لذنوبهم وخلاصهم من النار فكم من الرقاب ستعتق في كل ليلة منه فلنكن ممن سارع بالتوبة واغتنم فيه يومه وليله وسعى إلى ما عند ربه

إن المتأمل في هذا الحديث الشريف ليدرك تمام الإدراك مغزى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لما في هذا الشهر من ارتقاء بالعبودية وصفاءٍ للأرواح وإقبالٍ على الطاعات بسهولة ويسر وانشراح ومعراج الملائكة الكرام كل مساء وصباح يستغفرون للعباد حتى يفطروا ويصلون على المتسحرين كما دلت على ذلك سُنة المختار صلى الله عليه وسلم ناهيك عن تعجيل الإفطار وتأخير السحور والفرحة التي تغمر العباد عند فطرهم فرحين بالدعاء عند الفطر طائعين بذلك ربهم متبعين لرسولهم وماهي إلا أيامٌ معدودات ويمر الشهر سريعًا تسجل قوائم الأسماء فيها فقد ربح الصائمون وفاز القائمون وخاب الخائبون .

ولعمري إن لهذه الأيام لنفحات فتعرضوا لها فكم من الذنوب ستغفر وكم من الحوائج ستقضى وكم من الامراض ستشفى بإذن الله اسألوا ربكم وتضرعوا إليه بالدعاء فأنتم بين يدي رب يعطي ولا يمنع ويصل ولا يقطع ويفرح بمن يتوب ويرجع ويصلي له ويخشع ، هاقد مضت أوائل الأيام من شهر رمضان المبارك أحبتي فلا تفتر بكم الهمة اصبروا وصابروا ورابطوا في مساجدكم ومنازلكم واعمروها بالذكر فهو شهر واحد وما اعجله واذا رحل فلا يأتي إلا في العام القادم لازموا كتاب ربكم فهذا هو شهر القرآن فقد ورد في الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يقول القرآن ربي إني منعته النوم بالليل فشفعني فيه ويقول الصيام ربي إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه فيشفعان وهكذا يتقلب العبد في كرامات شهر رمضان وفضائله التي ربما لا يلقي لها بالًا إلا من وفقه الله لذلك اللهم اجعلنا ممن غفرت لهم وقبلت منهم صيامهم وقيامهم وارحم موتانا وكل عزيز فارقنا إليك وكل من أحبنا وأحببناه فيك.

بقلم /ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي