المنجز الشرطي إبهار يبحر في عمق الجدارة

0
1058

قبل أيام مضت أضافت شرطة عمان السلطانية منجزا شرطيا أمنيا جديدا في سلسلة إنجازاتها الشامخة، وعطائها السامق نحو مجد الوطن والإنسان، وإحدى لبنات هذا العهد الزاهر الذي يرعاه مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم القائد الأعلى حفظه الله.

 وفي كل منجز شرطي يأتي الإبهار في أشده، والجدارة في دقتها، وشموخ المنجز في هيبته، وعظمته في قوة ما يحمله من رسالة ويؤكده من هدف ويحققه من طموح وينثره من ورود العطاء على أرض عمان الخير والسلام .

منجزات خالدة وحصون أمن ماجدة، وبيئات تصنع في ذاتها التحول وتبني في عظمة المنجز مسارات عطاء لا تنفذ ، وهي تحكي في رواية تأسيسها قصص نجاح مبهرة لا ينطفئ بريقها أو يخفت ضوؤها، فتزيد المرء شغفا ليسمع أكثر وأكثر ، ويقرأ الإنجاز في وجهه المشرق ومحياه الباسم، ويسمعه في صوته المغرد الصادح بألسنة وحناجر من يحملون العطاء حماة الحق وحراس المبادئ .

 لم يعد حديثنا عن المنجز الشرطي اليوم مجرد منشآت وأبنية ومرافق خدمية وتجهيزات فنية ومكاتب إدارية ، بل تجاوز الأمر ذلك كله، بل عناوين للعطاء وبيئات للابتكار ومختبرات لصناعة القدرات ومراكز تدريب لصقل المهارات وبيئات ترويحية وثقافية وتعليمية وتطويرية تحمل أهدافا استراتيجية وأنماط متجددة وأساليب راقية ومنهجيات دقيقة وفق مواصفات ومعايير أداء قل مثيلها وضعت الإنسان في مقدمة العمل وغاية القصد وطريق بلوغ الهدف .

فكانت بذلك استحقاقات نالتها العين الساهرة إجلال لدورها واعترافا بفضلها، وحيث تلك التلة الجبلية المرتفعة والهضاب التضاريسية غير المهيأة، وحجم المساحة الضيقة في استوائها وافتقارها لكل مقومات الحياة والعيش، انطلقت الحياة من جديد وصيغت في ثوب العزيمة والاصرار مدينة أمنية شرطية ذكية بكل المقاييس تنظيما وتخطيطا وهندسة معمارية، لترتفع فيها راية الشرطة معلنة افتتاح قيادة شرطة المهام الخاصة، لتمثل بدورها أنموذجا عمليا يتناغم مع طبيعة التحول في منظومة الأمن والشرطة، فصاغ هذا المنجز الشرطي بذلك لحنا جديدا في قراءته لمفهوم البيئات الشرطية ومراكز الأمن.

 تجاوز كل أشكال التقليدية المعتادة ، في ظل فضاءات ممتدة تبهر النفس، وتريح القلب وتسعد الروح، ويطمئن بالنظر إلى ما تختصره من إبداعات وجماليات، محطات للتأمل والوقوف على عظمة هذا المنجز ، وطريقة تنظيمه ، بما تعكسه من حس الابهار النفسي، ومعاني الرقي والذوق في علاقتها بالإنسان، ومراعاتها للجوانب النفسية والفسيولوجية والاجتماعية والترويحية له.

 فهي بيئة جمالية راقية، ومناخ تعليمي وتدريبي ، يفتح لمنتسبي الشرطة فرص الاستقرار الوظيفي والجاهزية المصحوبة بالتفاؤل والايجابية والاستمتاع ، وتنقل في العين الساهرة فرص الشعور بإنسانيتهم، وتقدير القيادة لهم والاهتمام بكل ما يعزز فيهم فرص العطاء المستمر والانجاز والابهار، ويقوّي فيهم روح الجّدية وحب التغيير، بيئات مصغرة للواقع العملي الذي يعايشه الشرطي ، متناغمة مع رسالة الشرطة ، متجاوبة مع المواقف الخارجية التي يعايشها، معززة بأنظمة وقواعد يشترك الجميع في تنفيذها والالتزام بموجهاتها وفق طبيعة المهمة، سواء كان في مجال المرور أو مجال المحافظة على الأمن العام أو التعامل مع الظروف المناخية أو غيرها، أو المهام الخاصة ذاتها، وهي في تشكيلة مبانيها الجمالية وما يتوفر بها من ديكورات وأجهزة التبريد والتكييف والاضاءة وغيرها، تبدي في النفس ملامح السعادة والشعور بالقيمة المضافة التي يحققها هذا المنجز في نفوسهم، إنها بيئات تصنع الجدية في العمل، وتبرز القوة في الأداء، وتنهض بالهمم المثابرة لرد الجميل ، وطريقا يحفظ هذا الحق للأجيال القادمة.

وعليه فقد ارتبط هذا التحول في رؤية التطوير في شرطة عمان السلطانية باستقرائها للسلوك الإنساني، كمنطلق لتعزيز الأداء الشرطي وتمكينه من صناعة قيمة مضافة في أدائه، عبر ربط الجهود الشرطية بالمورد البشري الوطني، واستيعابه لمتطلبات المواطن واحتياجاته من الخدمات الشرطية، وما يستدعيه عملها من جاهزية في التعامل مع متطلبات المقيم ورعاية حقوقه والمحافظة على سلامته، ولمّا كان المتوقع من الممارسين لهذه الرسالة أن يكونوا في مستوى الجاهزية والاستعداد النوعي والمعرفي والبدني، والاستيعاب لكل التحولات والخصوصيات والثقافات المجتمعية، لذلك كان تأكيد القيادة العامة للشرطة على أهمية أن تعكس ممارساتهم مسارات الوعي وحس المواطنة وضمير المسؤولية في المحافظة على المنجز والوفاء بالعهد واحترام الإنسان وتقدير المواطنين والأخذ بأيديهم والذود عنهم وإشراكهم في المنجز الشرطي وتحقيق رسالة الشرطة وأهدافها .

فإن بناء هذه القاعدة العريضة من المسؤولية يرتبط بحسن إعدادهم وصقل مهاراتهم وبناء قدراتهم ، ومنحهم فرص تحقيق ذلك عبر شعور الشرطي بالثقة في قدراته، وأنّ ما توفره القيادة العامة للشرطة له عبر فرص التدريب والتطوير المستمر والترقيات والحوافز، يجد في مثل هذه البيئات الشرطية، مساحات أكبر للعطاء والابتكار والالتزام والانجاز والمراجعة والتصحيح للذات والتأمل في المنجز وقراءته في صورة تعكس القيمة المضافة التي يحققها في سلوك عناصر الشرطة.
إننا اليوم بحاجة لأن نقرأ المنجز الشرطي بصورة أكثر عمقا واتساعا وتفاؤلا، نفهم رسالته وندرك موجهات التطوير التي يبني عليها منجزه، ونستقرأ في منجزنا الوطني أينما كان حضور إنسان هذا الوطن فيه هدفا وغاية، ومنهج عمل، للقناعة بأن المورد البشري هو خير من يحفظ لهذه الأرض قيمتها، ويبني فيها مشروع عمان الحضاري، لينطلق به إلى آفاق أرحب يبسط للجميع خيره وينثر بره وفضله، لتبعث في إنسانه روح الولاء والانتماء لله والوطن والسلطان، وها نحن نعيش تجربة المنجز الشرطي في بيئات راقية.

 تتسم بالحيوية والحياة، والحركة والتحول، متناغمة مع مشاعر الانسان واهتماماته، ليجد فيها الشرطي بيته الثاني الذي يحتضنه ويحتويه ويهيئ له فرص الاستقرار النفسي والأمان الوظيفي الداعم له في مسيرة العطاء، فحق له من منجز يحلق في فضاءات العطاء شموخه، ويبحر في عمق الجدارة فُتوحه، فشكرا لكم سيدي معالي الفريق المفتش العام للشرطة والجمارك على هذا العطاء الميمون والمنجز المشهود والتطور المبهر الذي تتشارك صناعته كل قيادات الشرطة والأفراد في مختلف مواقع العمل والمسؤولية ، لتمضي مسيرة الخير قدما على هذه الأرض الطيبة أمنا وأمانا واستقرارا وازدهارا.

بقلم / د. رجب بن علي العويسي