رب أخ لك لم تلده أمك

0
1787

يحيى بن حمد الناعبي

عندما أرجع بمخيلتي إلى أيام الدراسة في المرحلة الثانوية، مرحلة صنع المستقبل لكل طالب علم، لكل شاب طموح، أتذكر تلك الأيام الجميلة التي قضيناها مع زملاء وإخوة أعزاء طيلة السنوات الثلاث في السكن الداخلي لمدرسة الإمام جابر بن زيد الثانوية.

حيث درسنا فيها أجمل سنوات الدراسة بحلوها ومرها، وأعقبناها بدراسة الكلية المتوسطة للمعلمين لسنتين، فبقينا في سكن جابر بن زيد سنة واحدة ثم انتقلنا إلى سكن الكلية المتوسطة للمعلمين في القرم في السنة الثانية للدراسة.

وأثناء دراستي في الكلية المتوسطة للمعلمين تعرفت على زميل دراسة له من السمات والأخلاق ماميزته عن غيره، فكان بدرا من البدور.

نعم إنه بدر المعشري الذي ارتاحت له نفوس الجميع لطيب معشره فكسب شعبية كبيرة بين أقرانه.

ودارت السنون وتخرج ذلك البدر كمعلم لغة عربية، وقدر الله لنا أن نلتقي مرة أخرى كزملاء عمل في مدرسة الحارث بن خالد، وهنا توطدت الأخوة بيننا أكثر فأكثر.

وبإرادة الله أن درس ابني عبدالعزيز مع ابنه عبدالله في الصف الخامس قبل ثمان سنوات وكان هو المعلم والمربي لهم الذي أحاطهم بكل عناية واهتمام حالهم كباقي طلابه الكرام.

وبما أنه أخي الذي لم تلده أمي فيتحتم علي أن أرد له الجميل وأن يكون اهتمامي بإبنه عبدالله كاهتمامي بإبني عبدالعزيز.

فكنت أتابعهم في الدراسة باستمرار، وكنت أشجع عبدالله على الدراسة ونيل أعلى الدرجات
فهو ابني وإبن أخي العزيز الذي أكن له كل المحبة والتقدير، ليس كأخ فقط، وإنما كمعلم مخلص متفان في عمله، ويشهد له بذلك القاصي والداني.

فطلابه عجينة يشكلها كما يريد
وجميع أولياء الأمور يمنون النفس بأن يقع أبنائهم تحت يد هذا الوفي المخلص، الذي يبذل الغالي والنفيس لأجل طلابه لكي يرتقي بهم في سلم المجد والرفعة.

وفي المقابل يضع نصب عينيه مستقبل ابنه فيحلم أن يراه في أعلى المراتب، وكان يستشيرني أحياناً كثيرة في أمر دراسة ابنه العزيز لما تربطنا من علاقة قوية.

وأيضا العلاقة التي توطدت بيني وبين ابنه عبدالله الذي يقدرني ويحترمني كاحترام بقية أعمامه
وقد اصطحبت عبدالله مع ابني لدراسة اللغة الانجليزية في بنجلور بالهند، وبعدها بأربع سنوات ذهب معي مرة أخرى للدراسة في الهند.

ومن الصفات التي تميزه عن غيره، التعاون مع جميع زملائه ومعلميه ومشرفيه، ويتسم بالرزانة والهدوء، ولايرفع صوته على أحد أبدا، كما هو ديدنه في المنزل، فهو يحترم والديه ويقدر أخواته ويتعاون معهن.

فهو بذلك ينقل الصورة الحقيقية التي نشأ فيها بين كنف والديه وأسرته، فالطالب عنوان أسرته.

وقد أنهى عبدالله هذا العام دراسة دبلوم الثاني عشر حاصلا على درجات تؤهله لدخول الكلية التي يطمح لها وأتمنى أن يدخل كلية المعلمين تخصص لغة عربية، هذه اللغة التي عشقها منذ نعمومة أظفاره.

فقد تربى مع والده معلم اللغة العربية، ومع عمه العزيز معلم اللغة العربية الذي يسكن معهم في نفس المنزل، إنها أسرة تعشق لغة الضاد، لغة القرآن الكريم.

فهنيئاً لهم بهذا الشاب الطموح، وهنيئا لنا جميعاً بانضمامه إلى الأسرة التربوية بعد تخرجه بكفاءة واقتدار بإذن الله تعالى،
ومن شابه أباه فما ظلم.