ومن كعمر؟!

0
1017

يحيى بن حمد الناعبي

نعم الله تعالى علينا كثيرة لاتعد ولا تحصى، ومن هذه النعم نعمة الأبناء، الذين هم زينة الحياة الدنيا مصداقا لقوله تعالى : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) ٤٦ سورة الكهف.

والله سبحانه وتعالى يهب الذرية لمن يشاء وفق تدبيره ومشيئته
( لله ملك السماوات والأرض يخلق مايشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ” ٤٩” أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير ) “٥٠”

فالغاية من الزواج عفة النفس والذرية الطيبة التي تقر بها أعين الوالدين، وقد رزقت بفضل الله تعالى وكرمه بابنة ملأت بيتنا سعادة وبها، وبعد فترة زمنية رزقت بعبدالعزيز.

وكنت أمني النفس دوما بأبناء وبنات آخرين ولكن لم يتحقق لي ذلك فرضيت بما قدر الله لي وشكرته على آلائه ونعمائه، وظل في قلبي اسم حلمت به وعشقته منذ الصغر ألا وهو اسم عمر.

وبفضل الله تعالى ومنته أن قدر لي بأن أعمل في إحدى المدارس التي عرفتني بزميل وأخ عزيز يعمل مساعدا لمدير المدرسة وله ابن سماه عمر.

ومنذ إن وطئت قدما عمر هذه المدرسة المجيدة وأنا أعتبره ابني حاله كحال بقية أبناء المدرسة.

جاء عمر إلى المدرسة بطموح كبير يعانق السماء، ويتنبأ له بمستقبل باهر بإذن الله تعالى.

وقبل خمس سنوات شاركت المدرسة في مسابقة التنمية المعرفية، وكانت التصفيات الأولى على مستوى محافظة مسقط، وقد تأهل فريق المدرسة المكون من عبدالله، وكريم، وطه، وعمر، بإشراف معلمي العلوم أحمد وخليفة.

وقد أوكلت علي مهمة الإشراف على هذا الفريق وتحفيزه، فقبلت هذه الأمانة وهذا التحدي.

وتظافرت جميع الجهود للوصول إلى مستوى ذلك الطموح لتحقيق الأمل المنشود، وقد توسمنا في عمر قيادة هذا الفريق الذي يمثل مدرسة الحارث بن خالد للتعليم الأساسي بل ولاية العامرات بأكملها.

وبفضل الله تعالى تأهل هذا على مستوى محافظة مسقط، ففي اليوم الثاني كرمت هؤلاء الطلبة أمام زملائهم ومعلميهم لكي يكون هذا التكريم حافزا لهم لتحقيق الهدف المنشود الذي وضعته نصب عيني وهو الحصول على المركز الأول مستوى محافظة مسقط.

وفعلا تحقق الإنجاز فكبر معه الطموح، وقمت بتكريمهم مرة أخرى في طابور الصباح، وهنا راودني شعور جميل وحلم كبير ألا وهو إحراز المركز الأول مستوى السلطنة.

فطلبت من هؤلاء الأبطال علنا في طابور الصباح أمام الجميع تحقيق هذا الإنجاز، ووعدتهم بأن يكون التكريم خاصا وفريدا من نوعه، ففي حال فوزهم فسوف آخذهم في رحلة بحرية مع معلميهم على متن يخت خاص وأتكفل بجميع المصاريف.

وقد كان موعد المسابقة على مستوى السلطنة هو الأسبوع الأول من شهر مايو، إلا أنني قد حجزت لهم ذلك اليخت قبل شهر من ذلك الموعد، وجعلت هذا الأمر سرا بيني وبين نفسي من مبدأ ( واستعينوا على قضاء أموركم بالكتمان)

تظافرت الجهود وشحذت الهمم لتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، وبدأنا الإستعداد لهذا اليوم، وبذل المعلمون جهودا مضاعفة، ووقف أولياء أمور الطلبة مع أبنائهم وكذلك الدور الكبير الذي لعبه مجلس أولياء أمور الطلبة في ذلك العام.

كان التقييم النهائي لهذه المسابقة في مسرح وزارة التربية والتعليم في الوطية، فاصطحبت أبطال الحارث وكلي أمل بالله أن نحقق ذلك الإنجاز.

وكما تعلمون بأن فريق المدرسة يمثل محافظة مسقط أمام الفرق الأخرى التي تمثل بقية المحافظات، وكان المطلوب في اليوم الأول أن تتأهل ثلاث فرق للمرحلة النهائية ٠

وبالعزيمة والإصرار تمكن هذا الفريق بقيادة عمر التأهل ضمن الفرق الثلاثة التي تتنافس سويا لإحراز اللقب ٠

وهنا زاد رجائي وإصراري على احراز المركز الأول وزادت ثقة الطلبة بأنفسهم وزاد حماسهم.

وفي اليوم الثاني للمسابقة وفي نفس المكان صعد أبطال الحارث على خشبة المسرح والأمل يراودهم بإحراز المركز الأول، نعم ولا نقبل إلا به، هكذا كانت العزيمة، وهكذا كان الإصرار والطموح.

وبفضل الله تعالى حققنا المركز الثاني على مستوى السلطنة بفارق نقطة واحدة عن الفريق الآخر.

كانت الفرحة غامرة، وكانت سعادتي لاتوصف بتحقيق هذا الإنجاز الذي يعد الأول من نوعه في مسيرة هذه المدرسة العتيدة.

وقد وفيت بوعدي فأخذتهم في رحلة بحرية في ذلك اليخت الجميل برفقة معلميهم، وكان لهذه الرحلة الأثر الطيب لأنها تمثل رحلة الأحلام، فظلت عالقة في أذهاننا إلى يومنا الحاضر.

فأنعم به وأكرم من ابن عزيز وأنعم بهذا الطموح الذي عانق الجبال السامقات.