من أقطاب عُمان

0
1996

من أهم الشخصيات العُمانيه زعامةً وعلماً وأدباً إرتبط اسمه بالقصص والحكايات الشعبيه مُنذ القدم تناقلتها الأجيال عبر تلك الحقبه من الزمن وقد خلد اسمه بأحرف من نور .

 كما مهد لنفسه الطريق ولمن يأتي من بعده والحمدالله الذي أكرمني بالكتابة عن هؤلاء العلماء الفضلاء الأجلاء وشرفني بالبحث والإستقصاء متتبعاً إرثهم العظيم وماخلفوه من نورٍ وضياء وسيرةٍ مشرقةٍ وكأنها الشمس في كبدالسماء فجزاهم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء وجمعنا بهم مع الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء ومن تبعهم من الصحب والأولياء في جنة الفردوس الأعلى ونعم الجزاء .

IMG 20170420 WA0078

وإن من عجائب الزمان أن ترى نقشاً أو كتابةً منذ أكثر من قرنين من الزمان من الآن وكأن هذا النقش أو هذه الكتابة نقشت بالأمس على صخرةٍ ذُكر اسم صاحب القبر عليهاويوم وتاريخ وفاته بخطٍ جميلٍ يُبهر كل من يراه بل والأعجب من ذلك توسط هذا القبر ففي أعلاه شجرة تظله وفي أسفله عينٌ تجري من تحته فقد أكرم الله صاحب هذا القبر حياً وميتا فصاحب القبر هو الشيخ الرئيس جاعد بن خميس بن مبارك الخروصي والذي توفي ظهر الخميس من شهر ذي الحجه لعام ١٢٣٧ للهجره تحديداً في اليوم الثالث منه الموافق له ٢٢ من أغسطس عام١٨٢٢ للميلاد وقد بلغ من السن تسعين سنةٍ كما كان يعُرف أيضاً ويكنى بالسيد أبي نبهان والناقش لتاريخ الوفاه هو ابنه الشيخ خميس بن جاعد وقد إطلعتُ على ذلك بنفسي ورأيتُ الكتابه في قرية العليا من وادي بني خروص حيث كان مقر الشيخ ونشأته ونبوغه كما كان والده زعيما في قومه مرجعاً لأهله وله مراسلات كثيره مع العلماء والأدباء لاسيما الشيخ الأديب سعيد بن محمد الغشري الخروصي المعروف بالغشري.

حيث كان والد شيخنا الجليل على قدر من العلم والفقه مرجعاً لأهل الوادي وذو وجاهةٍ وزعامه وكان على إتصالٍ أيضاً بأئمة اليعاربه، نشأ الشيخ عصامياً مُحباً للعلم يستشهد بآراء غيره فإذا وافق الحق أخذ به وإذا كان غير ذلك تركه وخالفه وكان يجتهد بنفسه كما كان يستشهد كثيراً بآراء الإمام أبا سعيد الكُدمي الناعبي وهو غنيٌ عن التعريف يشهد له علمه ومؤلفاته الكثيره و التي منها كتاب الإستقامه وقدعاش الإمام محمد بن سعيد الكُدمي الناعبي في القرن الرابع من الهجره النبويه على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم .IMG 20170420 WA0079

وإن من المؤسف حقاً أن يظل العلم رهيناً وحبيساً في مخطوطاتٍ قديمةٍ لأكثر من مائتي عام ولم تحقق هذه المخطوطات أو تخرج للنور كي يستفيد منها الطالب وينهل منها كل باحث وراغب فالحديث عن هذه المدرسه حديثاً يطول وقد تفجرت بعد ذلك بالعيون وكثرة الموارد .

وهذه المدرسه ليست إلا أصلاً راسخاً لمؤسس هذه المدرسه وقد هام بالحب الإلهي مخلصاً لله بالعبوديه وقد تجلت هذه النزعه في قصائده وأشعاره ومؤلفاته فقد ترك ديواناً شعرياً زاخراً بأمهات القصائد في التقديس والتسبيح لله واهب الوجود كما حوت مختلف الفنون من العلوم ناهيك عن مؤلفاته الأخرى في إرشاد الأنام من تحقيق مسائل وأجوبة لكل سائل ومؤلفات في الطب والكيمياء والحكمه وأوصاف العلاج كما أن المكانه العلميه والأدبيه التي تبوأها بين أهل عُمان لاتخفى على السابقين واللاحقين والمتقدمين والمتأخرين منهم وهو العالم الرباني الذي اتصف بالصفاء الروحي الناصع والعلم النافع الواسع كما هو الحال عند من نهج هذا النهج القويم وتغذى بالفكر السليم وذلك منذ الصحابي أبي ذر الغفاري رضي الله عنه و الإمام جعفر الصادق ورابعه العدويه والحلاج وابن عربي وعمر بن الفارض وجلال الدين الرومي وغيرهم ومن أتى بعده كذلك وسار على خطاه كالشيخ ناصر بن جاعد إبنه والعلامه المحقق الخليلي وشاعر عُمان العظيم أبومسلم البهلاني رهبان هذه المدرسه بهاليل أفنوا أنفسهم في العبادة والزهد والتُقى وعيوناً تفجرت منها كما أسلفنا وهذه هي ثمرات الصدق وصفوة حصاد الإخلاص لمن وفقه الله للقرب منه والإخلاص له ولا شك أن لأهل عُمان حضور ومواقف للعلماء منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم

فهذا الصحابي مازن بن غضوبه الطائي الذي أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم منه مباديء الإسلام بل وسأله أيضاً الدعاء لأهل عُمان وذلك في السنه السادسه من هجرة النبي الكريم والحمدلله على هذا الشرف العظيم والخير العميم وعاد مازن إلى وطنه عُمان وبنى ببلده سمائل مسجد المضمار وترك ماكان عليه من الشرك وعبادة الأوثان وكم من الصحابة من أهل عُمان أمثال مازنٍ فهُم كُثر ولم نذكر مازن رضي الله عنه إلا على سبيل المثال لا الحصر وتذكيراً منا لهذه الأجيال في تتبع سِيرِ الصحبِ من السلف والتخلق بأخلاقهم والموت على ذلك في زمنٍ أُشغل فيه هذا الجيل وشُُغل بمايبعده عن الإسلام ويقربه من التناحر والخصام فيا أمة الإسلام وحدي الصف ولملمي الشمل فقد حلت بنا النكبات وسقانا العدو بأيدينا كوؤس الغصات .

إن مايحدث الان من تخاذل وهوان وسفك دماءٍ وحروب طاحنةٍ وبغي وعدوان بعيداً كل البعد عن الإسلام ولم تأمر به سُنة ولم يأت به قرآن أن تُستباح الأنفس وتُزهق الأرواح وتُغتصب الأراضي وتُهدم الأوطان، لذلك كان همُ الإسلام وخدمته والقيام بواجبه يؤرق شيخنا الجليل ويقلق مضجعه فقد عمل على محاربة الجور والفساد ومقارعة اهل الظلم والعناد بكل ماآتاه الله من علم وعدة وعتاد وقد ذُكرت سيرته المشرقه الناصعه في مصادر عديدة ومن أهمها تحفة الأعيان للإمام السالمي عليهم رضوان الله جميعاً وكتاب قراءات في فكر أبي نبهان ندوةُ للمنتدى الأدبي تناولت سيرته طبع في عام ١٩٩٦ للميلاد والطبعه الثانيه في ٢٠٠٧م وهو من تأليف مجموعه من المؤلفين والمشايخ ومن شاء التوسع في ذلك فليرجع إليه و إلى التحفه وإلى ديوان الشيخ الرئيس جاعد بن خميس نفائس العقيان فقد طبع في ثوبٍ قشيب جزا الله القائمين عليه خير الجزاء من حسن إخراج وتحقيق مع الإستشهاد بالمخطوطة الأم جهد ثمين نبارك لهم هذا الصنيع والفضل لله أولاً ثم للشيخ خميس بن جاعد الذي أعتنى بديوان والده وجمعه كما ذكر ذلك محقق الديوان إبراهيم بن سعيد فلهُ كل الشكر والتقدير .

ولقصائد شيخنا الجليل وقعٌ في النفوس لاسيما قصيدته الشهيره حياة المهج ومؤلفاته الأخرى كإيضاح البيان فيما يحل ويحرم من الحيوان و كتاب الحج ودقاق أعناق أهل النفاق وكتاب الأوفاق وهو في علم الحرف ومقاليد التنزيل تفسير سورة الفاتحه الشريفة. 

وقد طبع هو الآخر بشكل جميل وعنايةٍ فائقه دراسة وتحقيق فضيلة الشيخ مساعد سماحة المفتي وصهره كهلان بن نبهان الخروصي مشكوراً مأجورا وأصله بحث تخرجٍ قدمه فضيلة الشيخ في السنه الدراسيه الأخيره لمعهد العلوم الشرعيه عام ١٤١٦ للهجره -١٩٩٥ للميلاد كما ذكر ذلك فضيلته في تمهيد الكتاب ، وغيرها من المؤلفات والرسائل، ، رحم الله شيخنا الجليل و نفعنا الله وإياكم بعلومه.

بقلم /ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي