السياحة في بلادي

0
2050

كلما شديت الرحال نحو واجهه من الوجهات السياحية الجميلة التي تفخر بها السلطنة اتوقف لدقائق معدودة ادرس احداثيات الموقع عن كثب ، وهذا الهاجس يعتريني بدايت التخطيط لكل رحلة مع العائلة ، والسبب الرئيسي يعود إلى عدم توفر دورات مياه تخدم السائح كان عمانياً أو اجنبياً 

فكثير من المواقع الخلابة الجميلة تفتقر إلى أهم مقتضيات الآدمية ، وأهم ما يحتاجة كل إنسان يقضي وقت متواصل بالمكان نفسه يزيد عن الساعة أو الساعتين  ، فكل كائن حي لابد له من إخراج ، وهذه سنة الحياة في كل المخلوقات الحية فكيف إذا كان الله عز وجل كرم الإنسان وجعله منزه ومميز وأمره بالستر والحشمة من إظهار مساوئه ، لكن شح الكثير من الأماكن السياحية في السلطنة تجبر الزائر لها من الخضوع لرغباته الا إرادية إلى الإخراج في أماكن تصبح بعد ذلك منفره للسائح ومصدر نقد للجميع ، كما إن بعض الأماكن يلجأ فيها الرجال إلى المساجد لقضاء الحاجة ، وهنا مشكلة أخرى تعيق النساء ، فليست كل المساجد بها اروقه خاصة للنساء أو مصليات ، ناهيك بأن هناك من السائحين من ابتلاهم الله بمرض السكري فهم في حاجة ماسة وضروريه كل حين إلى استخدام دورات المياه.

وللأسف الشديد جميع الجهات المعنية بالسلطنة تعلم ذلك ومنذ سنوات ، ولكن لم تفعل هذه الخدمة كما ينبغي لها ، وإذا كانت هناك بعض المبادرات اليتيمه فهي خجولة لا ترقى بأن تسمى دورات مياه  ، لأنه الدورة بها غير مكتملة النصاب ، علما إن الأماكن التي تم العمل على تفعيل هذه الخدمة بها لم يتم متابعتها بالشكل الدقيق في الصيانة والمتابعة الدورية ، فكانت عرضة للانهيار من خلال العبث بمرافقها  ، كما لا توجد دورات مياه أُقيمت بالأماكن السياحية المفتوحة ووضعت لها عماله تقوم بتنظيفها على مدار الساعة  ، وهذا ما يجعل الواجهه السياحية للسلطنة على أرض الواقع محرجة  ، فكلنا نرى المناظر من خلال شاشات التلفزيون والقنوات الفضائية وحسابات اليوتيوب من الأعلى وهي جنة يتمنى أن يزورها القاصي والداني ، لكنه اول ما ينزل بها ينصدم من قله أو إنعدام الخدمات ، فمثلا آخر وجهه كانت لي إلى سواحل شواطئ الاشخرة ورأس رويس والساحل الطويل الممتد بينهما  ، لا توجد خدمات إلا في استراحة منتزه الرويس والتي تفاجأت إنها جميعها تخلو من المياه  ، وعندما ذهبنا نسبر أغوار المساجد والجوامع القريبة من الساحل وجدنا جميعها مغلق بل مهجور  ، وقلنا ربما أن أهل هذه المنطقة يحظرون صيفاً إلى المزارع ويرجعون شتاءاً إلى بيوتهم فلتمسنا لأهل المنطقة العذر ، لكن كيف نلتمس العذر للجهات المسؤولة بالدولة عن ابسط حاجيات الإنسان اليومية  ؟!!

فليس كل رحال أو عائلة قادرة على التنقل في بيت من البيوت المتحركة أو الخيام التي تحتوي على دورات مياه تركيبية ، فهل هذا يعني بأن السائح الذي ليس له القدرة على توفير هذه اللوازم أن يصبح جليس داره أو يعاني كل هذه المعاناة التي ذكرتها سابقا في سياق مقالي هذا ، إذا لابد من اختيار المكان الصحيح لإنشاء دورات المياه ، وان يوكل مهام تنظيفها لشركات محلية بواقع عقد وقوانيين تجبر هذه الشركات إلى اظهارها بالمظهر الائق طول مدة العقد ، كما لابد من أن يكون هناك موازنة سنوية خاصة تُعنى فقط بهذا الجانب الحيوي الذي يدر على البلاد المنفعة العامة ، ولابد من الجهات الرقابية بالدولة متابعة مثل هذه المشاريع وتقييم إنفاقها وتقدير حجم مشاريعها قبل الاعتماد وبعد الجاهزية وقبل التسليم ، لضمان نجاح هذه المشاريع وتوافق معاييرها مع الميزانية الموقعة لتنفيذها ، وهذا ليس شكاً أو تقليل من أمانة بعض الجهات المعنية بالأمر  حاشا لله ، لكن المقصود هنا التركيز على الشركات التي تم التعاقد معها من قبل الحكومة هل هي تنفذ المشروع حسب المواصفات والمعايير المدرجة بعقد المناقصة أم لا ؟ ..

الجميع يعلم بأن مدخول كثير من الدول وخاصة في أوروبا لا يعتمد على البترول أو الغاز ، وقد لا يوجد عندهم مصادر متنوعة في الدخل والدر على إقتصاد دولهم كما هو الحال عندنا في السلطنة ، لكنهم أدركوا ما معنى السياحة وكيفية إستقطاب الوفود السياحية بالدرجة الأولى إلى بلادهم ، فعتمدو على المصدر الوحيد لديهم وهو السياحة ، وهنا بدأت الأفكار تعمل على تطوير الجانب السياحي من خلال دراسة لكثير من المدن والدول المجاورة ، وما وصلت إليه البلدان الأخرى في النمو السياحي ، فعمدت على الأخذ بالأفكار الشابة والمشاهدة الحية فجادت قرائحهم بالكثير من المشاريع والخدمات التي تعود بالنفع على الجانب السياحي من خلال توظيف الموقع نفسه لإدرار المال عليه ، فمثلا أعتمدت دورات المياه التي تفتح عن طريق العملة المعدنية أو النقدية الورقية ولمدة معينة يستطيع السائح فيها قضاء حاجته بمقابل مادي ، يمكن من خلاله إصلاح وتحسين وتطوير هذه الدورات بشكل دوري دون أن يكلف الحكومة أموال صيانة من الميزانية العامة للدولة ، وعندنا معمول به في الشارع البحري بمطرح ( الكورنيش ) بموقع الحديقة الفرنسية ، ولكن غير مستثمر أستثمار أمثل من خلال الأفواج السياحية كمحطة وقوف وإنطلاق للمواقع الأخرى بشكل غير مباشر يخدم المصلحة العامة ، ومن الضروري كذلك إيجاد مرافق أخرى بكل موقع مثل لعب الأطفال اليدوية والألكترونية ، للتشجيع العوائل على القدوم على مثل هذه المواقع ما إذا كانت فيها الخدمات مكتملة .

لابد من رؤية جديدة تقوم على دراسة متطورة تخرجنا من بوتقة الأفكار الإعتيادية المملة إلى أفكار مبتكرة تعمل على نقله سياحية كبيرة تصحوا فيها السياحة وتزدهر بالشكل الذي يجعل العالم يتحدث عن بلادنا ، فليس هناك دوام لحال أبدا مهما طال الزمان أم قصر ، نحن بحاجة إلى أيادي وعقول تجلب المال وتدره للدولة من خلال السياحة أكثر مما تصرفه عليها كل عام ، فمثلا تعاني ولاية وادي بني خالد معاناة كبيرة جدا ، فسكان الولاية لا يستطيعون الدخول والخروج إليها بالشكل السلس والمريح ، فكثيرا ما تتوقف الحركة في الشارع بسبب الأفواج السياحية الكبيرة التي تشهدها الولاية يومي الجمعة والجمعة والسبت ، وقد تحدث مشكورا سعادة الشيخ أحمد بن حسين السعدي عضو مجلس الشورى ممثل البلاد كثيرا في هذا الأمر ، وكانت زيارة لمعالي وزير السياحة للولاية وشاهدوا ما شاهدوه من إزدحام وخناق مروري وقلة مواقف ، وإنعدام الخدمات السياحية بالمكان ، وحتى يومنا هذا لم تحل هذه المعظلة التي تأرق أبناء الولاية وخاصة قرية مقل التي يتهافت عليها السياح خاصة في الإجازات الرسمية الأسبوعية والأعياد .

فأين الأستغلال السياحي الأمثل لزيادة الدخل الإقتصادي في مثل هذا الموقع الحيوي ؟!! ..

الحديث في هذا الجانب يطول ويطول ولن ينتهي أبدا ، لكننا على ثقة بأن الجهات المعنية بالدولة تسعى إلى مفاجئتنا بالشيء الجديد القادم والذي يخدم الدخل في الإقتصاد الوطني من خلال تطوير مفاهيم السياحة بالسلطنة عامة ، أولا وأخيرا كلنا نسعى إلى رفعة هذا الوطن وما يجود به علينا من ركائز ومقومات سياحية تجعلنا في طليعة الدول العربية والإسلامية والأجنبية في خدماتنا السياحية الداخلية .

بقلم / يعقوب بن راشد بن سالم السعدي