رؤيا خير الأنام في المنام

0
1601

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

تختلف الرؤى التي يراها الإنسان في المنام، فمنها ما يرسخ ومنها ما يكونُ أضغاث أحلام ويسعى البعض من البشر لمعرفة التأويل ومنهم من لا يكترث بذلك على الإطلاق،

فمن هذه الرؤى سرعان ما يُنسى إن لم يبادر الرائي بتدوينها ومنها ما تظلُ عالقةً في ذهنهِ بكل أحداثها وتفاصيلها وعندما يستقيظ ويفيق منها، يحس بفقدان ذلك الشعور الجميل وتلك السعادة الغامرة وتمنى استمرار تلك الرؤيا إلى الأبد،

لاسيما إذا كان الزائر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب القلوب والمقرب إلى الله علام الغيوب ، فمنذ مدة يسيرةٍ لا تتجاوز العشرة أيام تواصل معي أحد الأحبة من الأقارب وقد فاجأني بهذا الاتصال في وقت الصباح،

حيث كنت في العمل فسلم عليّ وسأل عن أحوالي ثم قال :أخشى أن أزعجك بهذا الاتصال وأنت في العمل، قلت له : لا بأس عليك قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، وكان يخبرني بذلك بلهفة ففرحتُ لأجله، لأن الزائر رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأوليين والآخرين وخير خلق الله أجمعين،

يقول الرائي رأيت في رؤياي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانه يصلي في مسجد ما وكان خلفه حشود من البشر وكنتُ أحاول أن أراهُ فيمن أراد رؤيته من أولئك الحشود وأسعى جاهدا لذلك وكنا خلفه بمسافة لا تحجبني عن رؤيته

فكان يظهر لي من تلك المسافة أثناء قيامه وركوعه وسجوده، يقول كانت ثيابه ناصعة البياض وكان شعره كثيف السواد براقًا ، وكان ثوبه ليس بالجلباب ولا كالقميص، فقلتُ لهُ أهو كلباس أهل باكستان وأفغانستان قال نعم هو كذلك،

ثم أكمل حديثه قائلًا: وكنتُ أتشوق لرؤية وجهه الشريف واللقاء به والسلام عليه والتحدث معه، وأنا أكابدُ مع تلك الجموع لتحقيق ذلك، وكأن هذا الشطر من الرؤيا انتهى وأنا في حسرة من عدم التمكن من الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي قلبي شوق ولهفة،

يقول وإذا بالشطر الآخر من الرؤيا مع تلك الهمة لرؤيته صلى الله عليه وسلم تصاحبها الشوق واللهفة كما أسلفنا، يقول رأيتُ كأني في أرض شاسعة وقد نمتُ على شقي الأيمن وقد توسدتُ يميني،

وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا على رأسي فأحسستُ به وانتصبتُ قائمًا على الفور أسلم ُ عليه بحرارة وأصافحهُ بلهفة وأخاظبهُ باللغة العربية الفصحى، وأطلب منه أن ينزل معنا لنتشرف بزيارته والجلوس بين يديه وأخذ البركة والدعاء، فيجيبي إني في عجلة من أمري

يقول وخلفه حشود كبيرة وجموع غفيرة، خلفه بمسافات تبعد عنا كثيرًا وهي تقترب شيئًا فشيئا وكان بقربي مزارعٌ، تشرف هو الآخر بالسلام على رسول الله والحديث معه وقال له هو الآخر: أكرمنا بزيارة يا رسول الله تفضل معنا، فأجابه بنفس الجواب إني في عجلة من أمري،

ثم ضرب بيده الشريفة في الأرض وأخرج منها ثمرة كبيرة من ثمار الطماطم والتي تُسمى في بعض البلدان بالبندورة فقلت أنا في نفسي معبرًا عن ذلك وكأن هذه الثمرة استوت في باطن الأرض وأخرجها صلى الله عليه وسلم بيده الطاهرة،

يقول الرائي ثم خطى عنا بضع خطوات وما لبث إلا أن عاد إلينا مجددًا ولم يكن ليردنا وهذا من خُلُقِهِ الكريم وطبعه الرحيم، فعاد ليجبر بخاطرنا وكأنه رجع ليدعوا لنا

و كأنه كذلك يعلم مهنة كل واحدٍ منا فقال لي : أعطني نقودًا أوشيئًا من نقودك يقول فدفعت إليه قرشًا من نقودي وقال للمزارع وأنت أعطني شيئًا من ثمارك فدفع المزارع لرسول الله صلى الله عليه وسلم زيتونة خضراء ذكر الله وأكلها ثم استخرج من فمه الشريف نواة تلك الزيتونة وقال اللهم زد هذا من ماله وزد هذا من ثماره ، يقول الرائي فسألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتأمرني بأمرٍ أخدمك به قال لي : جزاك الله خيرًا

ثم انصرف عنا وتلك الجموع تتبعه يقول: فانتبهتُ من نومي وليتني لم أنتبه، قلت له إن رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم حق وإن الشيطان لا يتمثل به لأنه أخبرنا بذلك في حديثهِ الشريف وهو الصادق المصدوق،

قلت له هنيئًا لك هذه الرؤيا قال أحببتُ أن أُبشرك بها قلتُ بشرك الله برفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنةً ، قلتُ: صفه لي قال: أنور الوجه ذو بشرة بيضاء يخالطها حُمرة وكأن وجهه وجه طفل حديث الولادة،

قلت له وماذا عن لحيته قال تبدأ من نصف خده سوداء ليست بالطويلة الفارعة وليست بالقصيرة المتدانية ولكنها بين بين ، تتبادى للناظر وكأنها مُشطت بمشط قلتُ : وماذا عن شعره قال : إلى شحمتي أذنيه أسود

لم أر كجماله وبهائه فهو بهي المنظر والمخبر، جميل قسيم وكحيلُ من غير كحل محفوفٌ بالعناية وتحيط به الأنوار، قلت : ماذا كنت تذكر حتى حظيت بشرف زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام

قال : كنت أتفكر في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرصه على أمته وقد زاد ذلك عندي منذ أربعةِ أيام كما أنني كنتُ أصلي وأسلم عليه، ومؤخرًا كنت أتفكر في أحوال البعض من أمته وهم في بعد عن سنته وقد أخذتهم الغفلة وتركوا الصلاة وركضوا خلف الدنيا يقول : وكأن الأرض تخفي لنا شيئًا ولديها من الأسرار ما أوشكت أن تبوح بها،

فقلتُ الله أعلم بالتأويل، تذكرتُ مقام رسول صلى الله صلى الله عليه وسلم المحمود في اليوم الموعود، وبداية رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا وهو في حال السجود وكأنه مقام الشفاعة،

ثم الانتقال من شطر الرؤيا الأول إلى الأرض الشاسعة وكأن تلك الحشود تتبعه للدخول إلى الجنة والله أعلى وأعلم وأحكم، نسأل الله أن يرزقنا شفاعته يوم القيامة وأن نكون من أتباعه ورفقائهِ في الجنة.