نزف الحرف

0
973

 

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

تنساب الكلمات كانسياب الجداول من أعالي الجبال وتنحدر المفردات من القمم الشاهقات……..

همهمات وغمغمات، ودوي قادم من تلك الجبهات، يالها من رحلة طويلة عشتها لم أعرف فيها الهجوع ولم أهتدِ لمكان أشتهي فيه السُبات…

قد قسى الوقت عليّ وتجاذبتني تلك الطرقات، عابر سبيل قد مضى حسبه من الطعامِ لُقيمات، لم ينافس على منصبٍ ولم يشاكي من أجل درجات أو ترقيات،

وقال في نفسه ذلك القول المأثور (لا تنافسوها فتهلكوا كما أهلكت من قبلكم) ننتقي لأنفسنا من درر الكلمات، ونتخذ من الصبر شراعًا نبحر به إلى تلك المسافات، نتقي الشر ففي بعض الأحيان ينسحب الواحد منا لينقذ الموقف من خطر العواقب والمهلكات،

قد سقتني الحياة من سمها الزعاف وراودتني الدنيا بوجهها القبيح وهي تختال أمام ناظري في وجه فتاةٍ فاتنةٍ قد حوت كل الصفات، ولعمري هذا هو الطُعم وتعقبه حسرات ومزيد من الزلات التي تودي بالحياة،

وقد لا أفيق من سكرة هذا الخداع إلا عند غرغرة الروح أو في وقت الممات، انتهى الأمر وليس ينفعني اليوم لقب أو نسب وقد داهمتني الشهقات وكابدتني هذه السكرات،

إن للموت لسكرات يغفل عنها الكثير من البشر وقد أنستهم عنها مغريات العيش وصنوف الملذات، هكذا أصف نفسي حينما استسلم لشهوات النفس، التي تأمرني بالسوء وبانتهاك الحرمات،

فللنفس في الخير والشر صولاتٌ وجولات وربما أفلحت أو أساءت في الهجوع وفي بعض الخلوات، يتلاشى البهرج الكاذب ويغلق دوني كل باب، يتحطم الخزف وينزف الحرف، وليس لي من الأمر إلا ما عملت وما جنيت، ما الذي يحصل لي ؟ هل أنا أصارع شبح الدنيا منذ زمن بعيد؟أم أن هذه الدنيا تطبق بكلتا يديها عليّ لتخنقني في كل يوم وتفجعني بابتلاء جديد؟!

قد تكالبت عليّ المصائب وترنحت كالسكيرِ بغيرِ سكرٍ إنما هو من هول الخطوب، وكلما هممتُ بأمر وشارفت على الانتهاء أو الوصول، عدت مجددًا لنقطة البداية لأبدأ مرة أخرى من جديد، كثيرة هي دهاليز الحياة ولها أبواب كبيت جحا متشعبة سبلها، وعلى الواحد أن يجاهد بالثبات ويسلك مسلك الصواب لينجو من شراك الموبقات، انتهى هذا النزف اليوم وإلى الملتقى من الغدِ مع نزفٍ جديد.