السعي للرزق وإنصاف العباد

0
1542

بقلم/ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

أرنو إلى السماء مُقلبًا طرفي، راقيًا بالنفس حيث الراحة والأُنس، فتهب عليّ نسمات السحر من حظائر القدس، وأنا أتفكر في عجائب صُنع الله وأتذكر قول ربي وسيدي ومولاي
(وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الآية ٢٢ من سورة الذاريات صدق الله العظيم،

هذه الآية
العظيمة من كتاب الله، وكم هي الآيات الدالة على أن الرزق بيد الله ومتى ماشاء الله وبقدر يقسمُه الله بحكمته وعلمه، وما اعتمدنا في رزقنا إلا على من بيده الرزق سبحانه ولكنه أيضًا أمرنا بالسعي لطلب الرزق من أجل الكسب، وصلاح الحال فلا يكون الفرد منا عبئًا على غيره،

فما بعث الله نبيًا إلا ورعى الغنم، وهناك مِن الأنبياء الكِرام عليهم السلام من عملوا في مختلف الأعمال وهم أنبياء مع حمل الرسالة وشرف المكانه، فهذا نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عمل في رعي الأغنام في مقتبل العمر ثم تاجرًا لأموال غيره وكانت الأمانات والودائع تحفظ عنده لصدقه وأمانته،

ونبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده فكان يصنع الدروع، وهكذا فخزائن الرزق بيد الله فسلوا الله من خزائنه الملأى التي لا تنفد، واسعوا للعمل والكسب ولا تظلموا أحدًا

ولا تتسلطوا على الضعفاء والمظلومين فتبخسوا حقوقهم فإنكم والله سوف تُسألون عن ذلك كله أمام يديّ الله عز وجل، يا من آتاكم الله المناصب لا تتسلطوا على عباد الله فهم عياله وخلقه،

ويامن هيأ الله لكم أسباب الرزق ووكلكم بالخلق، انصفوا المظلومين وقوموا بقضاء حوائج الفقراء والضعفاء ، ففوق كل فقير غني وفوق كل ضعيف قوي وفوق كل ذليل عزيز ، سبحانه يبصر ويسمع ولا تخفى عليه خافية،

وإعطاء الحقوق وإنصاف المظلومين لابد من تحقيقه وإن طالت مدة الظلم سنين طويلة لأنها تبعات على عواتق الأنام، سيحملها من ناء بحملها يوم الحساب، ذلك اليوم الذي يتخلى ويتبرى فيه المرء من كل أحد، يريد التخفف والبحث عن أي حسنة تثقل ميزانه وتزيد منها،

فلا يقولن قائل مضى وقتٌ طويل ولا جدوى من ذلك الآن، تخلص اليوم فربما لا تشرق عليك شمس الغد، اشترِ نفسك لله “ومن الناس من يشري نفسه لله” وأدِ حقوق العباد وصن بقية عمرك في إتقاء الشبهات وتجنب الفساد،

فما أهلك البلاد والعباد مرض كمرض الفساد، وقد اقترن السعي بالرزق بإنصاف العباد، فلايمكنك أن تأخذ بضاعة من تاجر ما ثم لا توفيه حقه، أو تدفع إليه دون حقها وقيمتها الحقيقية، كما لا يمكن للتاجر أن يغُش الناس ببضاعته،

قال الله تعالى في سورة الشعراء
(ولا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) الآية ١٨٣ صدق الله العظيم ولا يقتصر الظلم وبخس الحقوق على هذا بل له أشكال متعددة وصور متنوعة، ومن ذلك أجرة العامل وما نسمعه اليوم من تسريح مستمر هدمت به أُسر ، وآل بها الحال إلى العوز والفقر، إن المطالبة بالحقوق حقٌ مشروع للجميع ومطلب سامٍ يسعى إليه كل حرٍ غيور،

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، وفي رواية: (حقه) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأملنا في حكومتنا الرشيدة بعد الله جل جلاله كبير، ولا شك أنها مسألة وقت وستُحسم الأمور عما قريب إن شاء الله،

ولا شك أن توجيهات جلالة السُلطان هيثم حفظه الله ومتابعته الشخصية واهتمامه البالغ بأحوال شعبه، ستعبر بنا إلى بر الأمان وإلى ما فيه الخير والاطمئنان، ورد الحقوق إلى أهلها بإنصاف المظلومين من قبل وحتى الآن،

إن المُتأمل في واقعنا اليوم يدرك ما عصفت بالأوطان كافة من ظروف عصيبة ومتوالية، ولكن بالثقة بالله وبحسن التدبير ، سوف نتجاوز المحنة وسيثمر الصبر بالخير الوفير على الشعب الذي آمن بوحدة الصف والمصير،

نسأل الله أن يحفظ وطننا عُمان، وسلطاننا هيثم من كل سوء ومكروه وأن يحفظ الشعب العُماني الأبي وسائر. الشعوب العربية والإسلامية وأن ينجينا جميعًا من كل بلاء ، وأن يحفظنا من ضيق الصدر وشتات الأمر، وأن يلهمنا الرشد والصبر.