العيد الوطني الخمسين نهضة بعد كبوة وصحوة بعد غفوة

0
1597

بقلم المكرم الدكتور / أسماعيل بن صالح الاغبري

قد تبلغ أمم وحضارات مبلغا عظيما من الصولات والجولات وقد تمتد تلك النهضات قرونا يعيش الناس في ظلال وارفة وحياة هانئة هادئة آمنة سعيدة.

وعمان بلغت شأوا من المجد ومكانة من السؤودد ودرجات من العز وسموا من التمكين وسعة من الجغرافيا وشهرة من الانتصارات وتمكنا من دحر الغزاة مع سياسة في تدبير شأن الشعوب المنضوية تحت الإمبراطورية العمانية وحنكة في حكم الأعراق المختلفة وحكمة في قيادة الدولة ذات الطوائف المتعددة في آسيا وعاصمتها مسقط وأفريقيا وعاصمتها زنجبار وكلها أيام ذي العاصمتين السيد سعيد بن سلطان عمان.

ولم تزل عمان مهابة الجانب مصانة الحمى عنيدة في استقلالها راسخة في حريتها تأبى قيادتها من غيرها ولا تسلم أمرها إلا لبنيها ذاك ما كان أيام ولاة أمرها كالجلندى بن مسعود ثم ناصر بن مرشد ثم أحمد بن سعيد إلى ما شاء الله.

الوحدة الوطنية بين العمانيين وتقديم عمان على كل مقدم وعزيز ساهم في علو الشان ورفعة المكان .
وحدة القيادة وعدم تنازع السلطة كانت من عوامل نجاح العمانيين في إدارة الدولة.

ولكن جرى عليهم ما جرى على أمم قبلهم من تشظ وتنازع وتلاحي كلمة واختلاف صف وتشتت شمل وما ضاعف الأسى وزاد الجراح الانقسام القبلي والاختلاف المناطقي فهو السم الناقع والمدية التي تصيب الدولة في مقتل والخنجر المسموم الذي ينغرس في الجسد وهو سلاح عدوهم للنيل من دولتهم ووسيلة المغرضين لإضعاف نهضتهم.

تعدد ولاة الأمر في الدولة ووجود أكثر من رأس فيها وتنازع أكثر من سلطة عليها أدى إلى ضمور المجد الباذخ والشرف العالي والرجوع القهقرى .

إلتفاف العمانيين حول أكثر من علم وانضواؤهم تحت أكثر من راية ساهم في الشقاق وتلك كبوات تحتاج لنهضات وكانت عمان تنتظر فارسا مخلصا جامعا منقذا .

السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور رتق ما انفتق وجمع ما تفرق وألف بإذن الله بين قلوب كانت أشتاتا.
أنهى أخطر عدو داخلي أصاب المجد في مقتل وأذهب بسيادة الدولة وهو الاحتراب القبلي فعمل على وأد النعرات القبلية لأنها دعوة نتنة منتنة فاحترم القبيلة لكنه لم يقدسها وجعل الطاعة للدولة لا لها والسيادة لرمز الدولة لا لزعامات قبلية متعددة لكنه احترمها وإنما قدم الدولة على كل رأس .

وسن من القوانين والتشريعات ما يحفظ اللحمة الوطنية وما يعاقب كل منغص لتلك الوحدة بعقوبة قدرها عشر سنوات سجن وإن بدت شديدة لكن بث الاحتراب القبلي هو أشد وأنكى وأمر وأطغى فلتعش عمان آمنة مطمئنة سخاء رخاء جمعا لا يعرف النقص ولا الشتات.

الولاء لله خالقنا ورازقنا وهو ولينا ثم للوطن عمان جامعتنا وحاضنتنا ومركزنا وموئلنا ثم للسلطان سلطة الدولة وهيبتها وجامع شتاتها وموحد كلمتها وعينها وبؤبؤها ومعصمها وحافظ أطرافها ونواحيها وحدودها كما هو حافظ لعاصمتها.

مبدأ عفا الله عما سلف تجلى في سياسة السلطان قابوس لا شقاق لا فتن لا انتقام .
بساط عمان واسع أخضر للجميع مهما كان الخطأ فأطلق العفو العام فمن عاد فله الأمن ولا غدر به ولا اختفاء قسري ولا اغتيال ثم تقييد ضد مجهول ولا نكث لوعد وعده ولا إخلاف لعهد منه عاهده فأمنت رعيته واستقرت عمان في عهده.

قضى على كل تمرد بقوة السلاح من باب آخر العلاج الكي بعد دعوة السلام وعرض سبله فالأكثر قد أناب وعاد واستجاب فكان واحدا من أبناء عمان وقليل بقي معاندا وفي فكره المستورد سادرا وراغبا في نشر سقيم مبدئه بين الشعب مدعوما من قوى عالمية فلزم منازلته ودحره وقهره فتم ذلك ثم عفي عنه مرة تلو الأخرى من أجل عمان.

جلالة السلطان هيثم بن طارق ولي أمر السلطنة في ١١ يناير ٢٠٢٠ ولم يزل لم يبلغ عاما من توليه أمر عمان لكنه يخطو خطوات واثقة يحدوه أمل نهضة عمانية تكمل مسيرة النهضة وتضيف إليها بصمات هيثمية وإنجازات تميزها عن أخواتها من النهضات العمانية فلكل قيادة وسلطة سياسية ما يميزها عن غيرها وإن حذت حذو سابقها في الكليات والقواعد لكن في التفاصيل لها تفاصيلها وخيوطها الذهبية كالشمس تشرق فتنشر ضوءها ويعم ضياؤها شيئا فشيئا حتى يعم عمان مشرقها ومغربها.

جلالة السلطان هيثم يسعى حثيثا من أجل تنظيم أمور الدولة وتفجير طاقات خلاقة وولادة جيل صاعد عماني يبني عمان ويخلص لها ويخلصها من طوارق الزمان الطارئة كجائحة كورونا وانهيار أسعار النفط عالميا.

السلطان هيثم بن طارق يدفع من أجل استثمار عمان مواقع جغرافية بحر عمان وبحر العرب والخليج العربي والمحيط الهندي تدر ذهبا وتنتج فضة لو استثمرت وهو على ذلك عازم .

السلطان هيثم بن طارق وقد كان وزير لوزارة التراث والثقافة يعلم أمحاد عمان البحرية وموانئ عمان القديمة فتحريكها تحريك لعجلة الاقتصاد العماني وكل أمة ذات شان اقتصادي ترتفع عاليا وتستقل في قراراتها.

الجناح الثاني هو ثقافة عمان وحضارتها وجلالة السلطان هيثم بن طارق قد تحدث عن ذلك في مقطع متداول قبل أن يلي أمر عمان أبان فيه عن مكانة عمان وأدوارها التاريخية فعمان أمة ذات حضارة وتاريخ وثقافة أصيلة ومن هنا استحدثت مؤسسات ووزارت تعنى بالشأن الثقافي مع رسوخ مؤسسات وتعزيز مكانة وزارات تعنى بتراث عمان الضارب بجذوره الغائر في أعماق التاريخ.

عمان في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق تحلق بجناحيها الثقافي والاقتصادي فالثقافة المستمدة من التراث العماني هو الغذاء الروحي والمحرك للعماني من أجل بناء عمان والحفاظ على هويتها المتميزة ودافع إلى عدم الذوبان في الآخر وإنما الاستفادة مما لديه إيجابا.

والجناح الثاني الذي تحلق به السلطنة في عهد السلطان هيثم هو الجناح الاقتصادي فهو معيشة الناس وأقواتهم وهو وقود الدولة وقوتها وهو مخزونها وخزانتها وهو سبيل لتكريس نهضتها واستقلالها في مواقفها إنه الغذاء المادي.

جلالة السلطان هيثم بن طارق يسابق الزمن ويتحدى المعضلات ويصارع كل تيار ومعوق من أجل عمان وبنيها ولولا جوائح الزمان كوباء كرونا الذي عاجل العالم المتقدم والغرب خاصة ولولا انهيار أسعار النفط الذي صاحبه انكماش اقتصادي عالمي لكانت الخطوات أسرع والنمو أكبر وأكثر .

دامت عمان وحدة وطنية ودامت عمان هانئة آمنة راسخة البنيان شامخة الأركان عزيزة المكان مهابة الجانب رفيعة الدرجات بالغة الذرى متجاوزة نجم سهيل والجوزاء