جاري محمود يلبي دعوة الودود

0
3314

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

ترجل الفارس عن صهوة جواده ولم ينتظر اكمال بيته الجديد، التقيتُ به قبل أن يؤخذ إلى المشفى بيوم أمام بيته الجديد الذي لم يكتمل بنيانه بعد

فسلمتُ عليه وحادثته لبرهة لم يكن محمود كعادته وكما عُرف عنه بين الجميع ببشاشته رمقني بتلك النظرات وكأنها نظرات الوداع وكان ذلك آخر لقاء بيني وبينه

تأثرت كثيرًا بعد سماعي للخبر مع غروب شمس يوم السبت ودخول يوم جديد وتأثر الجميع هنا في المنطقة وأهل المسجد وقد أحبه الجميع لصفاء قلبه وظرفه المستمر فهو مبتسم المحيا وجميل الطبع طيب الأخلاق واسع الصدر كريم الخصال

حسن السجايا كم تصاحبنا معًا في مشاركة الخلق واجب العزاء وكم أكرمني بما يجلبه معه من مؤن لأهله وكم أوصلني في طريقه بسيارته حينما يراني ماشيًا من وإلى المسجد

لم أتمالك نفسي وقد غمرتني الدموع كنت أتواصل مع ولده الأكبر المدثر للإطمئنان على أحواله الغير مطمئنة وقد وجد صعوبة في التنفس ولم تتجاوز فترة مكثه بالمشفىى سوى أيام قلائل ونتفاجىء بالخبر

عانى جاري الغالي محمود رحمه الله من مرض السكر المزمن وكان منتظمًا في علاجه وحريصُا عليه ولكن هذا المرض الأخير طرأ عليه فوجد صعوبة في التنفس وكان الأمر مطمئنًا في البداية كما أخبرني ولده إلا أن حالته. ازدادت سوءًا بعد ذلك

عمل محمود في شرطة عُمان السلطانية وقد تقاعد من وظيفته منذ وقت طويل ومنذ أن جاورته وفرحت بجيرته وهو يسعد القلوب أينما وجدته والتقيتُ به سيفتقده مسجد أنس بن مالك والركن الذي كان يتلو فيه القرآن والمكان الذي كان يسبح ويدعو فيه كما ستفتقده سائر المساجد

وقد عمل بعد التقاعد كثيرًا من ماله الحلال حتى يؤمن لأولاده هذا البيت الجديد وقد ادخر المبالغ لبناءه من كده بعد التقاعد فكان يعملُ على سيارة أجرة تارةً وعلى شاحنته الصغيرة تارةً أخرى رحمك الله أيها الجار البشوش المُكافح

أعزي نفسي أولاً وسائر أهل المسجد ومنطقتنا العامرات الجديدة في فقد هذا الشهم الذي تستعصي علىّ الكلمات في ذكر شمائله وبشاشة وجه التي سيفقدها الجميع

وأعزي والدته الكريمة وإخوته وأخواته وأم المدثر وولديه المدثر والمؤثر وجميع ذويه وأحبابه وكل من عرفه وأحبه

أسأل الله العظيم أن يصبرنا جميعًا على فراقه رحمك الله يا محمود يا من أسعدت القلوب بتلك البشاشة والابتسامة الدائمة
طيب الله روحك في الجنان حيث النعيم المقيم وسوابغ الجود والإحسان