عبارة: المسامح كريم

0
1979

بقلم /ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

ثمة أمور يعجب المرء منها ويحتار ومن ذلك ما نسمعه ونراه من قصص الفساد في عالم المحسوبيات والظلم المجحف للعباد و كيفية التفنن لهؤلاء البشر في ظلم بعضهم البعض

بلا مبالاة كمنع علاوة وإخفاء مؤهل أو شهادة وكلما طالب هذا الموظف بالوظيفة التي تناسب مؤهله وشهادته بل وتخصصه قوبل طلبه بالرفض السريع مع عدم يأس هذا الموظف في المحاولات ولكن الرد كالعادة يأتي سريعًا وبدون دراسة وروية وهذا ما يسمى بالاستبداد وظلم العباد

وهو أن تكبت المؤهلات وتضرب بالشهادات عرض الحائط فقط لظلم هذا الموظف ومن هم على شاكلته، وإعطائه أدنى الدرجات الوظيفية

حتى وإن فكر في الخروج من هذه الجهة أو المؤسسة سيمارس في حقه نفس الطقوس والأساليب فيذهب لتلك المؤسسة الجديدة التي رحبت به وقبلته ليتم مخاطبة المؤسسة السابقة فترفض وتعرقل طلبه في ما يسمى بإخلاء الطرف وتعتذر المؤسسة الجديدة لعدم موافقة المؤسسة السابقة ، فلا جهة عمله السابقة أنصفته وأعطته حقه ولا المؤسسة الجديدة رحبت به وقبلته وهذا ما يسمى بإخلاء الطرف والشواغر في الدرجات

ولو أرادوا مساعدته لكان الأمر سهلًا ميسرا ولكن لا توجد لهم مصلحة في إنصاف هذا الموظف وليس له عون غير الله تعالى وبعد كل هذه الخدمة الطويلة يلتقي بأحد المسؤولين ورؤساء الأقسام ليسأله عن حاله وليته سكت عنه فيجيبه بكل صراحة وشفافية وكأنما فجر جروحًا قد بردت مع الأيام والأعوام (حسبي الله ونعم الوكيل ثلاث مرات على من ظلمني) فيقول له بكل بساطة: المسامح كريم

وماذا عسى أن يفعل بهذه العبارة المسامح كريم وكم من أمثال هذا الذين ظلمتموهم ثم تردون عليهم بكلمة أو عبارة المسامح كريم سيسألك الله عنها هل رددت الحقوق إلى أصحابها رد الحقوق أولًا ثم قل المسامح كريم أتاك هذا الموظف لترفع عنه مظلمة فلم تنصره وتعاونت على ظلمه ثم تقول المسامح كريم أتاك يطلب حقه المشروع فلم تعطه حقه

وأتاك آخر وشرح لك في طلبه بعد خدمة طويلة لينتقل من مكان إلى آخر في نفس المؤسسة فرفضت طلبه وأنت قادر على تلبية طلبه ورددته منكسرًا وفي نهاية الأمر المسامح كريم سهلة هي على اللسان ولكنها ستعرض على الرحمٰن تفكر حينها هل ستنجيك كلمة المسامح كريم

اسمع معي قول الله تعالى( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) صدق الله العظيم الآية 47 سورة الأنبياء ، كما أذكرك بهذا الحديث الشريف فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امرئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الله لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ” فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَإِنْ كَانَ شَيْئا يَسِيراً، يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: “وَإِنْ قَضِيبا مِنْ أَرَاكٍ”. رواه مسلم.صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولعمري ما هي حبة الخردل وكم وزنها وهي حبة الخردل ومع ذلك سيأتي الله بها
فاشترِ نفسك من الله يا صاحب عبارة المسامح كريم قبل أن يأتي يومٌ لا بيع فيه ولا شراء ولا تنفع صحبة ولا خُلة وتمعن جيدًا في الحديث الشريف وكرر عبارة وإن كان قضيبًا من أراك ، وإن كنت غفلت أو تغافلت فإن الله يغفر ما بينه وبين العبد وأما ما بين العباد أنفسهم فلا يتحقق إلا برد المظالم فهل حدث الظالم نفسه برد المظالم واعتذر من المظلوم حينها تصدق عبارة المسامح كريم

أما أن تظلم غيرك وتقول المسامح كريم فهذا ليس من الإنصاف في شىء وليتها كانت حبة خردل أو قضيبًا من أراك بل درجات وترقيات وشهادات ومؤهلات وسنوات تنضح بالكفاح في زمن المحسوبيات

وكم اعطوا الدرجات تلو الدرجات بغير وجه حق وفي المقابل يُظلم أصحاب المؤهلات والشهادات فيجيب ذاك هو رزقهم وكيف يكون رزقهم بالحرام وبالمحاباة والمحسوبية وهناك من هم أحق منهم وأولى بهذه الدرجات وهم أصحاب المؤهلات والشهادات

لتتكرر نفس الإجابة ونفس العبارة المسامح كريم التي تكون الإجابة عليها الآية المذكورة آنفًا والحديث المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولربما نسي الظالم ولكن المظلوم لا ينسى وله رب يحصي كل شىء عددا

،ومن ذلك أيضًا التعمد في نقل الموظف نقلًا تعسفيًا أو التعاون على ظلم موظف والتضييق عليه كونه أراد الانتقال من مكان إلى آخر بعد عطاء لسنوات عدة أخلص فيها هذا الموظف ليتفاجأ بهذه الجهات وهي تتقاذفه من مقر عمله التابع إلى المؤسسة الأم وقد تم تنسيق مسبق بين جهة عمله وهذه المؤسسة الأم على ممارسة هذا التضييق حتى يرهقوا كاهله ويثنوه عن عزمه لإفشال طلبه ويستمروا في إهانته مجددًا لأنه فكر فقط في مسألة الانتقال

وهذه هي طرقهم وأساليبهم وهذا هو دأبهم وتبقى علاقاتهم قائمة على المصالح عملًا بمبدأ خدمة مقابل خدمة، فهذا هو ديدن بعض البشر والله وحده المطلع والعالم بالأحوال

وعسى أن يجتث هذا الظلم من جذوره وأن يقضى على الفساد خلال نهضتنا المتجددة بقيادة السلطان هيثم المغوار حفظه الله ورعاه وعسى أن تفتح الملفات ويفتح التحقيق في مثل هذه القضايا ليعطى كل ذي حقٍ حقه هذا مثالٌ واحدٌ والأمثلة كثيرة ولم يكن هذا إلا غيض من فيض.