القراءة في زمن السرعة

0
1172

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

يشتكي الكثير من الناس من قلة القراءة ويتحججون بكثرة المشاغل اليومية والقضية أبسط مما يتصورون ، حيث أن المسألة تكمن في تنظيم الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل ، كما تأخذ البعض نزوة القراءة وهوس اقتناء الكتب التي تتكدس شيئًا فشيئًا وقد لا تُقرأ فتصبح هذه الكتب جزءًا من الكماليات التي تزين رفوف المكتبات وأروقة المنازل ولاشك أن هذه الظاهرة ظاهرة عامة يستطيع البعض من البشر السيطرة عليها وهم الذين يستغلون أوقات القراءة بالتنظيم المسبق بدقة متناهية وأيضًا لا يفرطون في أوقاتهم لتذهب سُدى ، فعلى سبيل المثال هناك من يصطحبون كتبهم معهم أينما ذهبوا وأقل ما يصطحبونه كتاب واحد وربما يقول قائل هذه مسألة صعبة والأفضل لي أن أطالع هاتفي النقال فهو مكتبة متنقلة وأخف في الحمل من الكتاب ونقول في ذلك تختلف متعة القراءة من الهاتف النقال عن متعة القراءة من الكتب واسألوا من يتلذذون بالقراءة من الكتب تجدون الجواب الشافي

ثم إن هناك من يكون كتابه في مركبته فإذا ذهب لأي مكان ما واقتضى قضاء الوقت الطويل بالانتظار أخرج كتابه من مركبته وبدأ بتصفح الكتاب ومتابعة القراءة ريثما يأتي دوره كإنهاء معاملة ما تقتضي الانتظار وما أكثر الانتظار في حياتنا اليومية التي يقضيها معظم الناس مع هواتفهم النقالة وهذا واقع مشاهدٌ ومحسوس وهناك من يحمل معه حقيبة يد شخصية تحوي أشياءه الضرورية التي يرغب أن يصحبها معه تحسبًا لمثل هذه المواقف وهي مواقف الانتظار ولا تخلو هذه الحقيبة من كتاب فتجده يخرج منها كتابًا ليقرأه وقد رأيتُ ذلك بأم عيني في كثير من الأماكن ومنها أثناء السفر بالطائرة وهوُلاء هم من يوجدون الأوقات للقراءة في زمن السرعة ويفضلون الكتب على الهواتف النقالة ولا نقول بعدم القراءة من الهواتف النقالة إن لم نجد الكتب إن اقتضت الضرورة فالهواتف النقالة وسيلة متيسرة وعصرية ولكن أجدى وأعمق للنفس القراءة من الكتب ولاغنى عن الكتب الورقية لأن لها ارتباطًا وثيقًا وعميقًا بالنفس البشرية ،

إن عالم القراءة عالمٌ جميل مفعمٌ بالمعرفة وأفق شاسع من الثقافة ينقل القارىء من مكان إلى آخر عبر تلك الأسطر التي يعيشها بين أحضان الكتب وكأنه ملك العالم بحذافيره وهذا ما لا يحسه من لم ينخرط في هذا العالم الجميل ويذق لذة القراءة، إن تخصيص أوقات للقراءة وتكريس الاهتمام بالمطالعة في زمن السرعة لأمر محمود يعود بالنفع على القراء الأكارم فلنجعل من القراءة شعارًا للجميع ولنستثمر الأوقات ونسخر القدرات فيما ينفع الناس والمجتمع