مفاهيم مغلوطة أو مخلوطة “١” الدولة والحكومة

0
1050

فضاء واسع رحب فرضه واقعنا المعيشي لا يتخلف عن السباحة فيه إلا مجبر أو جاهل أو مضطر، تملأه المعلومات التي تعُج بالخبر والمعرفة، يجتهد كل مجتهد لإنتقاء ما يناسب تطلعاته المعرفية.

 ويرتاده كل راغب في الحصول على الفهم الحكيم لمجريات الحياة؛ ليتخذ القرار السديد في الوقت السليم فيختار الطريق الأكيد لبلوغ المرام.

وكأحد السابحين في فضاء السلطنة الممتدة من مسندم شمالاً إلى ظفار جنوباً رصدت كلمات مفتاحية يتم تداولها بين زملائي رواد الفضاء، فلفظة الحكومة تتردد باستمرار بين الكثير من الأخيار، فنجد الساخط الناقم؛ يواجهه المدافع المرابط، فالأول أرهقته متطلبات الحياة يجد في نفسه القدرة والكفاءة وكل ما ينقصه الإنصاف والعدالة، يسمع هلهلة الإعلام بمنجزات وفرص وأن ببلاده خيرات لا تنضب ينشد حقه منها سواء أنطق أم خرس، فإذا راجع الحكومة مطالباً بحقه يجد الأبواب الموصدة والإجراءات المعقدة، فيناشد الرشيدة في الفضاء وينشد الإعجابات والمساندة من الأهل والأصدقاء، ليجد المدافع المرابط في فضاء السلطنة الحبيبة؛ “صهِ” يا هذا منجزات الحكومة لا تعد ولا تحصى، أكتفي بالأمن والأمان وأنظر إلى غيرك من البلدان 

أحذر ثم أحذر من أن تكون معولاً يهدم الأركان، لا تلتفت لكل ما تسمع من إشاعات عن سرقات أو صرف أرضيات أو احتكار استثمارات أو هدر للمليارات؛ وحذاري ثم حذاري أن تغضب لكثرة الرادارات أو حجز السيارات وتعطيل الأوقات ، فكل ذلك لصالح الوطن والمواطن.

ونجد أنفسنا بين الطرفين وجب علينا التقريب بين وجهات النظر ، ولم نجد أفضل من نشر الثقافة لأحوال الدول العصرية، فعندما نقول الدولة فإننا نعني ذلك الكيان السياسي في حدود جغرافية بما عليها من بشر ينظم القانون سبل التعايش بينهم، فهناك حكومة وأكرر “الحكومة” وهي السلطة التنفيذية، وهناك الشورى وهو سلطة تشريع ورقابة، وهناك القضاء وهو سلطة فصل عادل بين المتخاصمين، وهناك إعلام هو سلطة رصد وتحري، وبإطلالة بسيطة نجد أن هذه المؤسسات الرئيسة للدولة موجودة ويفترض أن تكون مستقلة بنص النظام الأساسي للدولة، وكل ما نحتاجه في المرحلة الحالية هو تفعيل الإستقلالية الناجزة لهذه المؤسسات، إذ أن الحكومة تهيمن على بقية السلطات وتأخذ الحصانة من القانون الذي يصون ذات السلطان ويحصنها ضد المحاسبة .

إذ تمتد حصانة الرئيس لمرؤوسيه، فلا يحاسب مذنب ولا يقال مخطئ المراقب لحالة الفضاء العُماني أن هناك وعي عظيم بأن الحكومة لا تعني الدولة، وباتت الأغلبية الساحقة خصوصاً جيل الشباب الذي يقود هذه المرحلة يطالبون بإلحاح بتعيين رئيس لمجلس الوزارء، رئيس بلا حصانة يحاكم إذا أفسد ويحاسب إذا أخطأ، وتلك المطالبات لا تقلل من هيبة الدولة ولا شأنها بل تعزز وحدتها وتقوي أركانها، لقد آن الأوان لإنطلاق نهضة وطنية شاملة بحكومة تملك القرار السياسي وتحاسب عليه من مجلس يمثل الشعب يشرٓع ويراقب، وبقضاء مستقل حازم عادل، على أن يبقى للسلطان حصانته التامه وإليه مرجع السلطات كآفه.

ومنه فإننا نخلص باستنتاج بأن استقلال أركان الدولة عن بعضها لا يعني الإنفصال بينها، بل هي أركان متوازية متماسكة يستقيم عليها بناء الدولة العصرية، ولعل مقالنا القادم يكون عن مصطلحي الإنفصال والاستقلال.

بقلم /الدكتور محمد العمري