عابرات على أجساد الخراف

0
1278

                               مقال بقلم / يعقوب بن راشد بن سالم السعدي

أصبحت الأماكن التجارية في المدينة وخاصة المقاهي والفنادق والشوارع الداخلية الخدمية مرتعا خصبا للعابرات على أجساد الخراف ، فهن يجبن هذه الأماكن ليرمين شباك صيدهن على من هانت عليه نفسه ورخص عليه دينة وباع أسرته بثمن بخص مقابل لذة تدوم دقائق معدودة وتعايش معه بقية حياته في هلاك يصارع معها حصاد ضعف نفسه الأمارة بالسوء ، محت العابرات من قلوبهن كل متاع الدنيا في لحظة الترويح من أجل متاع المال الفاني والزائل بعد حين ، وهناك خرفان تمأمأ عندما تشاهد العابرات وربما أنخرف كل ما بجيوبهم في لمحة بصر .

 ثم تعاود المأمأة مرة أخرى ولكن هذه المرة عند أقرب صديق ليملأ له جيبه الذي أصبح يصفر كصوت الرياح ، هناك أسر تعاني ويلات الفقر والتشتت والضياع بسبب ولي الأمر الذي باع جسده وجيبه للعابرات عليه ، فهان عليه كل ما بحوله ورخص وإن كان غالي من أجل نزوة زائلة أو قاتلة  في كل الأحيان ، إنه بلا شك تفكير ضال وتقليد غربي بحت ساد شوارع أمريكا وأروبا وأسيا منذ عقود مضت .

 وأصبح الشر الذي كنا نشاهده عبر الأفلام هو حقيقة يعيش في بلادنا في الخفاء والعلن ، فكم من أب أسرة مسح الإبتسامة على محيا زوجته وأبناءه وبناته إلى الأبد ، وكم من أبناء ألحقوا العار بأسرهم وذويهم حين مسهم الضر أو رموا بأنفسهم خلف القضبان ، والحكاية لا تنتهي عند أول رشفة عطر وأخر إنزال للمطر وتصفير الجيوب ، بل يكون هناك ضحايا أخرين في هذا المجتمع وغيره من المجتمعات العربية وهم الجيل القادم .

لقد انتشرت العابرات على الأجساد من الجنسيات العربية والأجنبية يسوقن لأنفسهن بكثرة وبمقابل يقبضنه من أصحاب المقاهي والفنادق ، فهن يستخدمن الفنادق والمقاهي مثل مقاهي الشيشة والعصائر ومطاعم المشروبات الروحانية في جلب الزبائن لها حين يتواجدن أمامها أو يسيرن متنقلات بين الزبائن ، فأصبحن مصدر جلب وتسويق قوي في إستمالة هذه الفئات الضالة من الخراف ، أنا أسميهم خراف لأنهم كذلك ، فهل يعقل لتيس أن تخرفه نعجة ، طبعا لا ، فالتيس دائما رأسه مرفوع حين يقف وحين يسير ، بينما الخاروف ينظر في كلا الحالتين إلى موقع قدمه .

 هكذا هم هذه الفئة التي يضنوا بأنهم  نالوا رضا نفسهم عندما يغتنموا عابرة كأنهم صنعوا طيارة أو أطلقوا صاروخ نحو العدو ، فتسمع في بعض المجالس الأثمة يتحدثون عن صولاتهم وجولاتهم وحروبهم التي خاضوها بالأمس أو عن نوع الجنسية التي حصلوا عليها ، وكأنه شيء خرافي لم يكن ليحدث معه لولا قوته وبأسه أو مكره وحيلته ، يستخفون من أنفسهم مع بعضهم البعض ويتباهون بالمعاصي والذنوب ونسو بأنهم خِراف للعابرات يسلبن ما في جيوبهم من نعمة الحلال إلى الحرام .

أعلم بأن الجهات الأمنية بالدولة غير مقصرة في هذا الجانب من المتابعة والقبض على العابرات ، لكن وجودهن واضح وبارز في كثير من الشوارع الخدمية أمام المحلات والفنادق وبشكل ملفت ومقزز ، يجعلك لا تحس بالأمان وكأنك في بلد غير بلدك ، فما كنا نرى هذه الظاهرة إلا من خلال السينما حين يطرح موضوع بائعات الهوى أو مرور البطل أمام البائعات للبحث عن المجرم الهارب ، فأين هو العيب وأين مصدر الضعف العام في إنتشار هذه الظاهرة التي يقبض الواحد منا على قلبة من الخوف وتخيل مستقبل أبناءه وبناته القادم في ظل هذه العولمة والمضطردة من فساد الأخلاق .