طيفهم كالعيد

0
1726
  1. كلما أقبل العيد علينا وانقضى هاجمتنا الذكرى وتذكرنا أرواحًا كانت تظللنا وتحنو علينا نمزج فرحة العيد بفراق لابد منه وهناك بإذن الله يكون الملتقى والمأوى عند رب لا يظلم أبدًا ويجزي كل نفس بما تسعى
  2. وما هذا الذكر إلا من صنوف البر لمن فقدنا ودعاء واصل لمن عشقناهم وتعلقنا بحبهم حينًا ودهرا ومن ربونا صغارًا وأفنوا في ذلك عُمرًا ، إن للوالدين فضلًا سيبقى لك طول العمر دينًا فأحسن البر حتى بعد الممات راجيًا رحمة الله ليرضى .

أتفرس في وجوه العابرين لعلي أرى وجهه يرقبني كما أرقبه، كان يمشي وحيدًا حاملًا أجره في يده وربما قد تسألوني عن هذا الأجر الذي يحمله فأجيب بأنه إما أن يكون طعامًا أو أدوات للمسجد فالطعام يشارك به أهل المسجد وكثيراً ما مر به القريب الحبيب أحمد بن سعيد الوهيبي ليصحبه معه في طريقه فيقول له توقف قليلًا عند هذه البقالة لأشتري بعض الأشياء فيقول له أحمد أنا أكفيك شراء المؤن وأقوم بذلك عنك قل لي ما الذي ترغب بشرائه فيقول له اختر لي أكبر بطيخة في هذه البقالة فيقول له أحمد ان شاء الله وقد أخبرني ذلك أحمد بنفسه تغرورق عيناي بالدموع وأنا أكتب هذه الأسطر من كثرة الشوق ومن كثرة الذكر لمن حبهم يتغلغل في الحنايا وفي الضلوع طيفهم كالعيد يمر سريعًا يومض من بين الجموع،

كان يكرم أهل المسجد بالفواكه وكثيرًا ما كان يبشر بها الجيران في بداية المواسم،

وهو حاضر معي مع تباشير القيض وفي كل رمضان بل وفي كل عيد، كان يبلل مصره مع اشتداد الحر الشديد وكان كثير الذكر لله تعالى وعظيم البر لوالديه شديد الحزن على فراقهما، كان لنا سندًا وعونًا وقد أعطى وأجزل في العطاء بلا حدود ولا ينكر فضله إلا جحود، وقد يقصده السائل فيعطيه ما في يده متوكلًا على ربه بأنه سيعوضه من الخير ما هو أكثر مما أنفق فيكون ما أضمر في نفسه ولن يخيب الله عبدًا توكل عليه سبحانه، وله من الأصحاب من يسألون عنه كثيرًا ويفتقدونه إذا غاب وقد لبى دعوة أحدهم وهو العم سالم بن سيف المعشري والذي يعرف بأبي خالدٍ والدُ الزملاء والجيران الأحبة هلال وسعيد ، حينما دعاه لزيارة بلدة وادي الميح التي تحييها الشمس عند الشروق وهي بقعة خضراء في وسط سيح بل واحة غناء بين تلك الجبال تضاهي اللؤلؤة البراقة في صدفتها والفتاة العذراء في خدرها فهي تارة تصغي لمد البحر وجزره وأخرى ترقب مرور الوادي على أحر من الجمر كانتظار المعشوقة لعشيقها وهل هناك أصدق من الأرض في العشق في زمن قل فيه الصدق .

فسبحان الذي جمع لهذه البلدة الجميلة هذه الخصائص وحباها بمختلف المناخات من نخيل وجبال وبحور ، ووديان وسيوح وصخور، فالبحر ينضح أعلاها كلما اتجهت إلى الأعلى جهة يتي وقنتب والخيران والسيفة ، وأسفلها بلدة الحاجر وما أدراك ما الحاجر فهي معبر الخطار وقبلة كل مسافر وكم يحلو بها القيض مع استهلال البشائر ولنا فيها ذكرى طيبة وذكرٌ عاطر.

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي