يحتضنها الوادي ويحرسها القمر

0
4722

بها يصنع الخبز الدائري الفاخر ، وهي همزة وصل لكل مارٍ وزائر ، وبها حلوى المقبالي ، فيأكل الآكل منها ولا يبالي ، تطيب السُكنى فيها لتعدد وتنوع القبائل التي تقطنها بل وتعجب كل العجب من التآلف العجيب وسر التعاون الغريب فيما بينهم

فهم للكل أحبة ولنا معهم صحبة وعشرة ، وقد تشرفتُ أن أسكن بها لمرتين الأولى عندما انتقلت مع الأسرة وذلك في مطلع التسعينات وذلك عندما قرر والدي رحمه الله إعادة بناء منزلنا القديم الذي كان به مصنع الحلوى للإمام محمد بن يزيد العبري رحمه الله وقد ذكرنا هذا الرجل العظيم في مقال سابق أسميناه ( ابن يزيد وسر الصنعة) وذلك لمن أراد الرجوع للمقال، والمرة الثانية عندما كنت حديث عهدٍ بالزواج وهذه المرة أطلت المكث فيها مستأجرًا شقة لأكثر من أربع سنوات مرت سريعًا تعرفت فيها عليهم عن كثب وتواصلت فيها معهم فلم أرى إلا السمت والأدب .

كما لمست فيهم حُسن الخُلق والجوار ، فهم لا يعرفون النفاق وسيرتهم كالشمس في رابعة النهار، قدموني كي أصلي بهم الصلوات الخمس وصلاة التراويح في شهر رمضان ولستُ بأفضل منهم ولكنه حسن الظن منهم وهذا هو دأبهم مع كل أحد، وقد كتبتُ في حق هذه البلدة كلمات قليلة عبر بها خاطري وحلق بها فكري
ومن هذه الكلمات: تلك البلدة تدعى الحمرية بمدينة روي  يحتضنها الوادي ويحرسها القمر أهلها كلهم أحبابي

فهم في حقيقة الأمر قبائل كثيرة وأرجو أن لا أنسى منهم أحد، ونبدأ بالرحوب وعلى رأسهم الشيخ حبيب بن سليمان الرحبي رحمه الله شيخ المنطقة ورمز الكرم والجود ومنهم آلسوالم والحبوس وأل بو سعيد ومنهم الجماعة الجرادنة وبني حميد وبني غافر والجماعة الغماريين أما جماعة الجهاور فهم الظهر والسند، وهم من الأصهار وعليهم المعتمد ترجع أصولهم إلى ضيان والحيلين وهي من بلدان الحجور من ولاية السويق المترامية الأطراف وهناك أسرة منهم وهم مجموعة من الإخوة قاموا على شأن المسجد وأعادوا بناءه من جديد وقد وقفوا له بالتعاون مع أهل الحمرية جميعًا فلهم كل الشكر والتقدير، وبني كيوم والرواشد والهلاليين وأبناء التوبي والمعامرة والشعيبيين والبهاليل والعلويين وبني حسن والمساكرة و بها قلة من جماعتي وعشيرتي بني وهيب والبداعيين وجملة من البلوش وبني زدجال والحضارمة وبعض المقابيل وبني شكيل وبني كلبان وبني مقيم وبني سعيد وأبناء الإسماعيلي والجماعة العنقوديين ومنهم والد الرحالة الأديب خالد العنقودي رحمه الله الذي كان يقول لي أريدك أن تصحبني إلى زنجبار كي ترى العادات العمانية الأصيلة وتتعرف على المجتمع هناك وهو يجسد نسخة طبق الأصل من المجتمع العماني فقلتُ له تشريف ياعمي ولكن الأجل حال دون بلوغ الأمل ولعل ابنهُ الرحالة خالد يقوم بذلك

ومنهم بني رجيب وبني وضاح وآل المسيب وجماعة من الهاديين وكان لهم بها دكان يقصده أهل المنطقة وقد نزلوا من يتي الشامخة بين أعالي الجبال ، وأعتذر أن كنت قد نسيت أحدًا أو عمن عزب ذهني عن تذكره، وخلاصة القول أني لمستُ بين هؤلاء الجيران التعاون والإيثار والتكاتف فيما بينهم وما أحوجنا لذلك وخاصة بين بني القبيلة الواحدة فهم جميعًا كقلب رجل واحد في السراء والضراء في الأفراح والأتراح وأجمل ما فيهم التجمع وهذا ما يفتقده الكثير من البشر، وكان منزل بني رجيب هو الحاضن لهذه الوجوه الطيبة وخاصة في أيام الأعياد لتناول العُرسية بالسمن العُماني أو الترشة اللذيذة كما جرت العادة وما أجملها من أيام وما أعظمها من لحظات .

أما الآن فقد هجر الحمرية معظم السكان كما هو الحال في كثير من الأماكن وأحببتُ أن أذكرهم بهذه الكلمات القليلة في حقهم لعلها تدخل السرور إلى قلوبهم وتترك أثرًا جميلًا في نفوسهم.

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي