بين السياحة المحلية وتاريخنا العُماني..

0
1262

وقعت كلمات أحد الأصدقاء مساء الأمس على صدري مؤلمة جدا، كالفتى الذي يسير في صدر قافلة وسقط فجأة مغشياً عليه من الهودج متأثراً إثر السقوط الحاد، عندما قال سأخبرك بأمر حدث معي وأنا أعمل في المجال السياحي، وكان صديقي أحد المثابرين الذين يعملون في جهة حكومية وقد حصل على رخصة إرشاد سياحي من وزارة السياحة بعد أن اجتاز جميع الاختبارات المطلوبة منه، وفي أوقات الإجازات الرسمية أو الاعتيادية يقوم بتوصيل السياح الذين يتعامل معهم مباشرة عبر صفحته في العالم الأزرق “الفيس بوك” أو عن طريق إحدى شركات السياحة المتعامل معها.

وذات يوم تلقى اتصال من الشركة السياحية التي يتعامل معها طالبةً منه أن يوصل إحدى السائحات من الجالية الأوروبية وفق برنامج مُعد سلفا، فما كان منه إلا أن وافق وكانت الصدمة التي حدثت عندما بدأت السائحة تسأل عنه وعن أحواله بعد أن عرفت بأنه عُماني الجنسية وكيف قبل أن يعمل في هذه المهنة وهو عُماني؟ أسئلة قد تكون غريبة من سائح لأي شخص لا يعلم شيئاً عن السياحة، لكنه وكما حدثني صديقي أمرٌ عادي بالنسبة له بحكم تمرسه في المجال، فقد اعتاد الحديث مع السياح في الكثير من المواضيع التي تهمهم كسياح ويرغبون معرفتها وتعني له بالدرجة الأولى بما أنه يعمل في مجال الإرشاد السياحي. وبدون مقدمات قالت إحدى السائحات قبل أيام كنت ووفد سياحي في برنامج مماثل مع أحد الوافدين العرب العاملين في مجال الإرشاد السياحي بالسلطنة وعندما طلبنا منه أن يحدثنا عن سلطنة عُمان وتاريخها وأهم المواقع الأثرية وأعلامها بما أنه أوكلت إليه مهمة توصليهم لإتقانه اللغات الغير رسمية لدينا، أعطانا معلومات شحيحة عن السلطنة وأسهب في الحديث عنه وعن تاريخ بلاده وهي من البلدان المعروفة ماضياً وحاضراً ولها تاريخ عظيم وشواهد أثرية محفوظة وموثقة، بعد ذلك سالته قائلةً: اعتدنا عندما نسافر إلى أي قُطر من العالم يستقبلنا المواطن نفسه ويعرّفنا عن حاضر بلاده وتاريخها وما تحويه من مخالب ومميزات والعديد من المعلومات التي يحب أن يوثقها السائح عن البلد الذي يزوره، قال الوافد العربي: وبنبرة الواثق، العُمانيين ما مال شغل، فهم يحبون الجلوس في المنازل ويفضلون الأعمال المريحة التي لا تكلفهم مجهود بدني أو مشقة، والعديد من الأحاديث التي ترتعد لها الأجساد وتشخص لها الأبصار، فما كان من صديقي وبدون تكلف أو حنق إلا أن قال لها الآن أنا أمامك وبهذا الزي المحلي، أتحدث معك باللغة الإنجليزية التي يتقنها أكثر شعوب العالم، أقوم بتوصليك إلى وجهتك التي ترغبين، أعمل في جهة حكومية وأعمل في الإرشاد السياحي ومصور مشارك فاعل في مجال التصوير ولي مساهمات عديدة في الجانب التطوعي الخدمي، انبهرت السائحة من حديثه وبدأت تدون ما قاله.

ثم أكملتُ الحديث مع صديقي عن السياحة والأحداث التي تعترضهم في هذا المجال، وتطرق إلى الشركات العاملة في السياحة التي يديرها الوافد الأجنبي في الخفاء، فهو من يقوم بتوزيع العمل وقت ما يشاء ولمن يشاء، بعدها سالته لماذا لا تتبنى وزارة السياحة بالتعاون الجهات ذات الاختصاص، توفير معاهد تدريبية تدرب العُماني اللغات وليكن اللغة الألمانية والفرنسية بما أن نسبة السياحة المحلية لتلك الجنسيتين بدأت تتزايد في السلطنة بحسب تقرير المركز الوطني للإحصاء، لماذا في حال استصعب على العُماني التحدث بهذه اللغات أن يكون هو المرشد ويرافقه الوافد العربي أو الأجنبي كمترجم فقط ليس له صلة في الإرشاد السياحي لا من بعيد ولا من قريب وبذلك نضمن وصول المعلومة الصحيحة عن الأماكن السياحية والأثرية والصورة الحقيقية عن العُماني ونفتح له أبواب رزق تساعده على مواجهة معتركات الحياة.

 

بقلم / يحيى المعشري