عمان وعيدها الوطني الحادي والخمسون منهج سياسي وطريق دبلوماسي عز مثيله

0
1197

سلطنة عمان لها مبدأ لا تحيد عنه ومنهج تسير عليه في علاقاتها الإقليمية والدولية مستقلة بهذا المنهج عما يقع في العالم العربي والإسلامي من تقلبات وانفعالات من غير أن تعيب سياسة دولة من الدول أو تغمز غيرها من الدول.

تقيم سلطنة عمان علاقاتها من منطلقات مختلفة أقرتها الأمم المتحدة ومواثيقها المختلفة ومنها عدم التدخل في شؤون الدول كما تنطلق في علاقاتها مع غيرها من قريب الدول أو بعيدها على المصالح المشتركة وهي التي تحرك دول العالم .

ومما امتازت به السياسة العمانية مع غيرها هو إقامة طيب العلاقات مع الدول بغض النظر عن نوع النظام الحاكم أو الأيدلوجية التي عليها نظام الحكم ومن دلائل ذلك علاقاتها مع مصر منذ أيام أنور السادات وحسني مبارك فهما حكما مصر واعتبرا أنهما أقرب إلى الرأسمالية وصداقاتهما مع الغرب واضحة للعيان فكانت علاقات السلطنة مع مصر أيامهما في أحسن حال ثم تحول نوع نظام الحكم في مصر فتولى الرئيس السابق محمد مرسي الحكم وهو محسوب على الإسلاميين أي نظام الحكم في عهده مغاير لنظام حكم السادات وحسني مبارك ولم تضطرب علاقات السلطنة مع مصر بناء على تغير نوع النظام بل كانت علاقات طبيعية وكأن أمرا لم يكن وهذا الذي ميز السلطنة عن غيرها وجنبها تقلبات السياسة ولا ننسى أنه خلال المرحلة الانتقالية لحكم عدلي منصور فإن علاقات سلطنة عمان مع مصر كانت أيضا حسنة ولم تشهد تقلبات ذلك أن سلطنة عمان لا تقيم علاقاتها مع الدول حسب نوع النظام الحاكم ليبرالي أو إسلامي أو علماني أو شيوعي فذلك شأن داخلي للدول ولا تضع السلطنة خارطة طريق الدول أو تتحكم في نوع النظام الحاكم أو تملي على غيرها ما لا ترتضيه لنفسها من تدخل غيرها في شأنها.

وهذا الشأن من سياستها مع مصر هو ذاته مع إيران فإن علاقاتها مع إيران أيضا كانت ولم تزل مستقرة طبيعية فقد كان الحكم حتى عام ١٩٧٩م بيد الشاه وهو ذو أيدلوجية متحررة محسوبة على الغرب بل ذات الشاه مصنف على أنه مقرب حتى النخاع من أمريكا والغرب وكانت علاقات السلطنة مع إيران أيام الشاه طبيعية وبينهما تعاون في مجالات مختلفة ثم شهدت إيران عام ١٩٧٩م ثورة أطاحت بنظام,الشاه الرأسمالي الغربي وقدمت هذه الثورة نظاما آخر منطلقاته إسلامية يقودها المرشد الثوري الإمام آية الله الخميني فاضطربت حبل العلاقات الإيرانية مع بعض الدول العربية بينما لم تشهد علاقات عمان مع إيران اضطرابا ولم تتخذ عمان موقفا متشنجا من النظام,الجديد لأن سلطنة عمان تؤمن بأن ما اختارته دولة من نظام حكم ليس لأحد رفضه فهو خيار سيادي للدول وسلطنة عمان لا تملي لدولة من الدول نوع نظامها الحاكم.

ذات النظام الإسلامي في إيران انقسم تصنيفة إلى محافظين ومعتدلين إلا أن ذلك لم يغير من علاقات السلطنة مع إيران فكانت علاقاتها مع إيران المحافظين علاقات طبيعية أيام أحمدي نجاد وحاليا طبيعية أيضا وحسنة مع حكم إبراهيم رئيسي وكذلك علاقاتها طبيعية طيبة مع إيران أيام حكم المعتدلين ومنهم خاتمي وروحاني وهاشمي رفسنجاني فسلطنة عمان لا تقيم العلاقات مع الدول بناء على نوع الأيدلوجيات الحاكمة وإنما تقيم العلاقات مع الدول بغض النظر عن الأيدلوجيات الحاكمة.

استمرت عمان في هذا المنهج العقلاني الفريد الذي عز مثيله في العالم العربي فكانت علاقاتها مع لبنان علاقات طبيعية بغض النظر عن انتماء رئيس الدولة وقربه من فريق ما يسمى بالرابع عشر من آذار أو الثامن من آذار وكذلك بالنسبة لرئيس الحكومة فهي تعاملت مع رؤوساء جمهورية لبنان أكانوا من فريق الرابع عشر أو الثامن من آذار بخلاف الدول العربية التي تقلبت علاقاتها مع لبنان بناء على الموقف من حزب الله أو المردة أو التيار الوطني الحر أو حزب جنبلاط أو سعد الحريري فسياسة سلطنة عمان غير معنية بأحزاب وشخصيات وإنما تقيم العلاقات مع جمهورية لبنان وليست معنية بأقوال ومواقف وزارات.؟ لكنها تعمل بهدؤ لحل كل توتر وتصدر بياناتها بما يتفق مع منهجها السياسي.

اختلف العرب اختلافا شديدا مع الرئيس السابق ياسر عرفات بينما اعترفت به عمان لاعتراف الجامعة العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا للشعب الفلسطيني بالرغم من موقف عدد من الفصائل الفلسطينية الداعم لحركة من حركات التمرد الماركسي في عمان لكن سلطنة عمان تترفع عن خذلان أحد أو النكاية به أو دعم ما يشق الصف أو يضعف القضية أو يخذل الأشقاء.

لم تدخل سلطنة عمان في مشاحنات بعد انتخابات الفلسطينيين في غزة وما أسفرت عنه من فوز شخصية محسوبة على التيار الإسلامي حماس لذا كانت علاقاتها مع رام الله وغزة ومع محمود عباس وخالد مشعل وإسماعيل هنية خالية من التشنجات وكانت ولم تزل تقدم مشاريعها في الضفة الغربية وقطاع غزة على قدم المساواة فهي لا تقدمها لنوع السلطة الباسطة نفوذها في الضفة والقطاع وإنما للشعب الفلسطيني وتعترف بما يعترف به الفلسطينيون.

إن عمان وهي تحتفل بالعيد الوطني الحادي والخمسن استقرار في الداخل واستقرار مع الخارج.
علاقات لا تعرف تخبطا ولا تقلبا بل واضح هدفها وهو مع الجميع علاقات طبيعية لا فوق الطبيعية فإن فوقها أو الطموح لفوقها هي التي تؤدي فيما بعد إلى قطع الحبل السري ورجوع العلاقات القهقرى.