بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي
… نواصل معكم هذه الشذرات لنأخذ منها العبر والعظات من كتاب شيخنا سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله
ذكر شيء من أخبار الشيخ الطبيب عبدالله بن حميد بن عبدالله الحارثي.
كان هذا الرجل بارعًا في كل شيء، لا يخطُ له غبار، موهبة من الله له، ما عرضت له شكية إلا وصف لها علاجًا، وأكثر علاجه بالعقاقير، فانتفع به خلق كثير في زمانه
وكان يعرف العلة في الإنسان بالحدس، حين يراه من قبل أن يشتكي له، يعرف علته وسببها
فيصف لها علاجها، وماخرج من عنده أحد إلا وقد انتفع، وله قضايا كثيرة من هذا النوع ، وأعطاه الله علمًا امتاز به عن سائر الناس،وهو: معرفة الإنسان بعلامات يستدل بها أنه يموت في خلال أيام، وإن كان في ظاهر الأمر صحيحًا قويا.
فمن ذلك : لما عزم الشيخ نور الدين السفر إلى الحمراء قاصدًا الشيخ ماجد بن خميس العبري، ليحل الخلافات الواقعة بينهما في شأن وقف القبور، لأن من رأي الشيخ نور الدين: أنه لايصح الوقف للقبور ، وإن الدولة أولى به، وأمر بأن يباع وينفق في عز الدولة.
فاعترض الشيخ ماجد قائلًا : إن هذا تبديل للوقف، ولا يصح ذلك وصارت بينهما مراسلات كثيرة ،
وأخيرًا أظهر الشيخ ماجد أنه ساخط على الشيخ نور الدين، وربما سخطه يفضي إلى فرقة، ولجلالة قدره عند المسلمين: رأى الشيخ نور الدين أن يسعى إليه فيقنعه بالأدلة التي عنده تطييبًا لنفسه.
ولما كان في بلدة قرب تنوف: اعترضته ركنة أمبا، فسدعته من فوق ناقته فانكسرت رقبته، وكانت سببًا لموته- رضي الله عنه –
والغرض من هذا الاستطراد: أن نذكر ما قاله الوالد عبدالله بن حميد فيه قبل : موته.
كما حدثني والدي:قال: سمعنا أن الشيخ السالمي في القابل في طريقه إلى الحمراء خارجًا من الظاهر، فذهب الآباء للسلام عليه، وكنتُ معهم، وأنا يومئذ في سن السادسة عشر فدخلنا على الشيخ وجلسنا عنده، وبعد أن سلمنا عليه استأذناه ، لنسلم على الشيخ عيسى.
فلما خرجنا من الباب وجدنا الشيخ عيسى قادمًا إليه، فقال له الآباء : نحن قاصدون التسليم عليك، قال : وأنا سمعت عنكم فقصدتكم، انتظروني أسلم على الشيخ ونذهب سويا، وكان عنده الشيخ سليمان بن سنان العلوي،فتأخر عن الدخول، فقال له الوالد عبدالله: ادخل تمتع من رؤية الشيخ، وكلنا ينبغي أن نتمتع من رؤيته، لأننا سوف لن نره بعد هذه المرة، وهذا آخر لقاء به، وكان الشيخ يتمتع بصحة جيدة، فوقع ما وقع على الشيخ.
……يتبع