اقرعوا أبواب الرحمٰن فأنتم في شهر رمضان

0
792

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

انطلقت بنا زوارق الأيام تمخر عباب الأعوام ولكنها أشد سرعة في الجريان خلال شهر رمضان ولا نزال في أول عشرة أيامٍ منه أقل من ذلك بيومٍ أو بيومين، وهي تجري بنا في موج من الأحداث،

وقد تغلغل هذا الوباء الذي عصف بالعالم، بحسب المعطيات وأصبح فردا من أفراد هذا المجتمع شئنا ذلك أم أبينا، واختلف الناس في وصفه وماهيته، وحقيقة الأمر تبدو غامضة ومجهولة لدى الكثير من البشر، وكل يدلي برأيه، لذا تشعبت الآراء فمنها ما ينافي الحقيقة ومنها ما هو أقرب للصواب،

وقد تسمع الكثير من الأقاويل ولكن ‏لا تكترث ولا تحزن فالمعادن تظهر لك وتتساقط لأن الله يبينها لك فتكتشف لمعانها الزائف وقد يصلك نفث سُمها الزعاف ولو من بعيد، لذا تجنب وترفع عن من يستمرون في السقوط واعتزل ما يؤذيك، حكّم عقلك ولا تقدم على أمر قد تندم عليه في النهاية

واعلم أن هناك أمورًا قد يُجبرُ على اتباعها الأنام، ولا يمكنهم مخالفة النظام وعلينا أن نسلم الأمر لله وحده، فإليه تؤول موازين الأمور وعليه المعول والتُكلان ،

ولن يترك الله خلقه هملا لأنه لم يخلقهم عبثًا، وعلينا بعد قرع بابه أن نأخذ بالأسباب، ولو كادنا أهل البغي والعدوان، وعلينا أن نكثر من الدعاء لا سيما في هذا الشهر العظيم وهذه الأيام المباركات، ولسان الحال منا يقول اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تجعل إلى النار مصيرنا واجعلِ الجنة هي دارنا وقرارنا،

وحينما يغمر النفوس حسن الظن بالله والتوكل عليه تهون عليه المصاعب وقد يجد اللذة في الصبر على المتاعب لذا يقبل المتوكل على الله بنفس راضية وقلب راغب، وقد أتى شهر رمضان كعادته في كل عام ليزيد من رصيد المؤمن الحي، لعله يحسن استغلاله ويستفيد من بركاته ونفحاته،

والمؤمن الحق لا تزلزله هذه الحوادث ولا ترعبه هذه المستجدات، لعلمه من خلال تلاوته للقرآن ومن خلال اتباعه لسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه أن الموت سيأتيه في وقته المحدد دون تقديم أو تأخير، سواءً مات بالوباء أو مات بغيره، وهذه المستجدات التي عصفت بالأنام قسمت الناس إلى أقسام،

فمنهم المستهتر ومنهم الموسوس ومنهم غير ذلك تمامًا، فالمستهتر قد يودي بحياته وحياة غيره، والموسوس تنقلب حياته إلى شقاء وقد يقتله وسواسه، ومنهم من يكذّب هذه الأحداث جملة وتفصيلًا، ومهما رأى أو سمع من أخبار لا يصدقها وقد وقع في قرارة نفسه هذا التصور، ومنهم من يقف الموقف الوسط ويحتاط لنفسه فهو يتوكل على المسبب سبحانه ويأخذ بالأسباب ويطرق باب المنعم الوهاب، فقد اختار الأمر الوسط ودعى ربهُ برفع الوباء والبلاء وتبعات الغلاء، وبرفع الظلم وبإقامة العدل كي تنعم هذه البشرية بالخير العميم وبالرخاء بعد الشدة والوباء،

فيا أيها الأحبة اقرعوا أبواب الرحمٰن فأنتم في شهر رمضان وسلوه العفو والغفران والهداية والرضوان، تضرعوا ليكشف عنكم الضر وينعم عليكم بالشفاء، نوروا الليالي بالتلاوات والأذكار، أكثروا من الاستغفار دُبر الصلوات وفي الأسحار،

استعينوا بالصبر والصلاة
وردوا كسابق عهدكم بإقامة الجُمعِ وإعمار المساجد، وأنتم تحافظون على وضوئكم وطهارتكم في كل وقت وحين،وقد أُمرتم بالصلاة لتكون عليكم كتابًا موقوتا، لازموا كتاب ربكم تسعدوا
وتطمئن به قلوبكم، فبذكر الله تطمئنُ القلوب ويزول الهم وتُجلى الكروب