الإفلاس واتباع خُطى الخَناس

0
2202

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

تُبتلى الأمم بكثيرٍ من التيارات والنعرات التي تطور من أساليبها يومًا بعد يوم وتتعدد طرقها وصورها لذات الغاية ولا يسعني هنا القول إلا تعددت المسالك والمهلك واحد

وهناك من يهوى الانقلاب على عقبيه، ولا يرضى إلا بالحضيض أو دونه فمكانه في الوحل أو في الماء الضحل ، ومما ابتلي به هذا القرن كما ترون وتسمعون أيها السادة القراء توالي النكبات منذ مطلعه فلا نكاد نتعافى من نكبة حتى حلت أخرى نسأل الله العناية واللطف

فقد كثرت الحوادث والمُلمات وقد شغل الناس ما شغلها ولا ملجأ من الله إلا إليه
فهذه الحوادث يتقرب العبد بها إلى ربه زلفى فيسأله رفع الظلم ويسأله الشفاء والبركة في الرزق وقضاء الدين ورفع الوباء والعفو والعافية في السراء والضراء

ويظهر الانكسار والذلة والافتقار والعوز ولكننا نرى ونسمع خلاف ذلك عند من ينصب نفسه إبليس هذا القرن فيظهر الكبر والبطر والفساد ويجاهر بالمعاصي علنًا وبالإلحاد وكأن ليس له من دافع ولا يوجد له من رادع فيقود هذه النعرة الجديدة وتتبعه من النعاج المتردية والنطيحة والبليدة

فهذا هو الإفلاس وانعدام الدين والخلق والإحساس فتلتبس أفكار الشيطان بعقل من هذا حاله أيما التباس فالأصل هو السعي في تنوير وتبصير الناس وأمرنا أن نقول حُسنًا للناس ولم نؤمر بغواية الناس وضلالهم كيف وهذه الأمة هي خير أمة أخرجت للناس

ومن لم تكن له عبرة فلا تؤخذ منه فكرة وليعتبر إلى ما سيؤول إليه ولعمري ما الذي سيؤول إليه سوى حفرة فإما روضة وإما جمرة

وليراقب كل واحدٍ منا لحظات العمر والأنفاس ماذا لو انقطع عنا النسيم فكان الضيق والانحباس من لك غير الله أيها المتغطرس المتعجرف الخناس من كساك وقد أتيت عاريًا باكيًا من قذف الرحمة في أبويك وارضعاك الإحساس من حفظك في بطن أمك وأخرجك لا تشكو من أي بأس

كبرت الآن لتحاربه بالمعاصي وتنكر فضله عليك وقد خلقك من ماء مهين ربما يلقى أو يداس ، ليتك ترجع عن غيك هذا وتحسن كما أحسن غيرك من الناس والله يقبل توبة العبد إلا الشرك واعتذر لمن أسأت إليه من الناس

لا تشهر بالخلق في وسائل التواصل الحديثة فقد سخرها الله لنفع العباد لا لضرهم لا تأخذك العزة بالإثم ، مالك ورسالات الأنبياء والتهجم على العلماء والأولياء من المتقدمين والمتأخرين أو حسبت أنك قدخلقت عبثًا أم هباء

كلا وربي لم تخلق عبثًا ولم تخلق هباء وستحاسب على غيبة العلماء ومحاربة الأولياء فمن حفظ القرآن الكريم وأيد الرسل والأنبياء بالمعجزات هو وحده قادرٌ على رد كيد الأعداء وحفظ الأولياء ، فالعلماء هم ورثة الأنبياء والأولياء هم الصفوة من الأصفياء

أما النورُ السالمي فحسبنا ما قاله فيه شاعر العلماء وعالم الشعراء أبو مسلم البهلاني رحمهما الله جميعًا في مرثيته الجميلة ( نكسي الأعلام ) وسأكتفي ببيتِ واحد يحكي عن مؤلفاته الوفيرة مقابل حياته القصيرة وصدق العالم الرباني أبو مسلم:
جمع العالم في حيزومه
أترى العالم في القبر نزل

وأما بدرنا الخليلي متعنا الله بعمره فقد بلغ الثمانين من عمره ومستمرٌ في التأليف وبإذن الله نترقب طباعة الجزء الرابع عشر من موسوعة برهان الحق

وقد قلت فيما مضى نظمًا في حقِ سماحته:

ومَن كمثلِ شيخنا الخليلي
يضىءُ في الظلماءِ كالقنديل
يرقى إلى العلياءِ بالأذكار
يُعطيك برهانًا مع الدليلِ

فمالي وهؤلاء ولينظر كل واحدٍ منا إلى موطىء قدمه ويعرف قدر نفسه اللهم لا تؤاخنا بما قال وفعل السفهاء .