الشعب في إجازة

0
2283

عندما نتجول في بلدان العالم المختلفة لا تتوقف الكاميرا عن التقاط الصور للمناظر الجميلة، مناظر طبيعية قامت يد الإنسان بتنسيقها وإضافة اللمسة الجميلة عليها، فبدت اللوحة متكاملة تجذب السياح من كل أنحاء العالم، ينفقون بلايين الأموال في تلك الدولة، ويصنعون ملايين الوظائف المختلفة والمتنوعة.

برج ساعة يوضح فخر الصناعة السويسرية في الساعات، بينما نحن نمتلك دقة صناعة الخناجر والسيوف واخترعنا الأفلاج والأنظمة الهندسية المعقدة في الري، والتراث الذي يمتد إلى ما قبل الميلاد ولكن أين هي؟! وما الترويج السياحي الذي لاقته؟ وكم نسبة الزوار ؟ وما الدخل الذي عاد إلى البلد من خلالها ؟

تلتقط الكاميرا أروع مناظر للزهور في هولندا، وننفق الكثير من المال لنرى ورد هولندا ونشتري البذور والورد، بينما لدينا ورد الجبل الأخضر الرائع الباهي لا اهتمام ولا تطوير في صناعته، ولا يزال يصنع بالطريقة التقليدية ويباع بأعداد شحيحة دون تطوير ولا اهتمام، هل صناعة ماء الورد الجبلي أوردت دخلا للبلد؟

نتسوق بكثرة من معرض المنتجات الطبيعية في باريس وننفق ألوف الريالات ونحن نشتري المنتجات الطبيعية من باريس، بينما تبقى منتجاتنا الطبيعية التي صنعها أبناؤنا ذوو الدخل المحدود وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مركونة على الأرفف دون أن يضمها مكان موحد في معرض دائم طوال السنة يكون قبلة للسياح وللزائرين من كل الأرجاء.

نشاهد روعة التصاميم في المتحف الملكي في الأردن للسيارات الكلاسيكية القديمة منها والمتطورة، بينما تعج شوارعنا بالعديد من السيارات ذات الطابع القديم والملفت والغريب دون أن يضمها متحف أو معرض يستقطب السياح له من كل أنحاء العالم ويحقق دخلا للبلاد.

متحف مدام توسو الذي نقضي فيه الوقت بالساعات منبهرين بالمعروضات، بينما يمتلك شبابنا المتاحف الخاصة والتي تحتوي على شتى أنواع المعروضات المختلفة عن بلادنا، لا تجد تصريح إقامة ولا دعما ولا اهتماما مما يضطر صاحب المقتنيات إلى بيعها في النهاية، فهو ممنوع من العرض والرسوم والتنشيط في محاولة خنق واضحة!

تصطف البيوت الملونة الجميلة الجذابة في شارع كامينيتو في الأرجنتين وكأنها لوحة فنية مذهلة، بينما تبقى قرى الجبل الأخضر بألوانها الباهتة وتوصيلاتها الكهربائية السيئة التي اخترقت جدران الطين المتينة وحولتها إلى منظر بائس يخدش النظر وعين الناظر.

منطقة سيدي أبو سعيد في تونس تتلون باللونين الأزرق والأبيض وسط البحر في منظر لافت ساحر تتمنى لو أنك لا تغادر المدينة، بينما القرى الساحلية لدينا تتلون بألوان صماء لا حياة فيها ولا منظر يستحق التصوير، دون عناية ودون اهتمام وكأننا نحتاج إلى فنان ليدير المشهد الجمالي السياحي في البلد.

لدينا ثروة زراعية هائلة ومتنوعة وأشجار من كل الأنواع، بينما لا نجد في شوارعنا سوى أشجار الغاف والسدر وأشجار أخرى غير ملفتة للنظر دون تناسق أو أي مراعاة للمنظر، نتمنى أن تزرع أشجار ذات منظر جميل مثل تلك التي تزين شارع باليموني في أيرلندا الشمالية، فالمياه موجودة والأشجار حاضرة، فقط نفتش عن الذوق.

الفن في بلادنا والفنانون المبدعون الذين يرسمون أروع اللوحات، ألا يمكن أن نستعين بهم في رسم شوارعنا وإضافة لمسات من الألوان لها؟ سنويا يقام في البرتغال مهرجان الفن البرتغالي وفيه تصبح المدن البرتغالية لوحة فنية رائعة الجمال، تجذب كل سياح العالم ويحقق دخلا للبرتغال يقدر بالبلايين، ألا يمكن أن نكرر التجربة هنا في مسقط ونأتي للخزينة بالبلايين.

السياحة الخيار الوحيد لرفد اقتصاد البلد إن نضبت الموارد الطبيعية، وهي تجارة مربحة ولكن الاهتمام بها في بلادنا خجول وضعيف وغير متطور، يجب أن تتكاتف الجهود (الحكومة والمواطن والقطاع الخاص)، جميعهم مسؤولون عن تطوير المشهد السياحي في البلاد، سافر أغلب العمانيين إلى دول العالم من مسؤولين وموظفين وتجار وغيرهم، لماذا لا تستوردون الأفكار الجميلة وتستنسخونها في عمان؟

عزيزة راشد