عن الأعاصير والمنخفضات المدارية

0
2966

قال تعالى (وجعلنا من الماء كل شيىء حي)صدق الله العظيم

ننتظر المطر الذي يخبرنا بأن الحياة مستمرة خاصة إذا أتي في مثل هذه الأجواء الحارة
ويكثر الحديث هذه الأيام عن الحالة المدارية المرتقبة والتي تشير إلى رصد منخفض مداري في بحر العرب واحتمال تطوره با تجاه سواحل السلطنة ويتابع المختصون بالمركز الوطني للإنذار المبكر من المخاطر المتعددة مستجدات الحالة المدارية أولاً بأول حيث تدعو الهيئة العامة للطيران المدني الجميع بضرورة متابعة النشرات الجوية والتقارير الصادرة عنها

وفي هذا السياق يقول العلماء أن الحالات المدارية تحدث في البحر غالباً بشكل غير موذٍ ،مع ذلك فمن الممكن ان تكون خطيرة ومسببة للأضرار عندما تتحرك نحو اليابسة وتتأثر هذه الحالات بشتى العوامل الفيزيائية مثل درجة الحرارة وقوة الرياح وبخار الماء والاستقرار الجوي… وبطبيعة موقع بلادنا الجغرافي في اطلالتها على المحيط الهندي (بحر العرب) حيث تنشط،فيه الأعاصير والمنخفضات المدارية على فترتين: الأولى من بداية مايو إلى نهاية يونيو أما الفترة الثانية فتكون بين نهاية سبتمبر وحتى نهاية نوفمبر وهي معروفة منذ القدم حيث تعرضت بلادنا لحالات مدارية عديدة أدت إلى خسائر بشرية ومادية.

وبالرجوع إلى ما تم تسجيله من تواريخ في حدوث تلك الحالات المناخية نجد
أن المؤرخين ذكروا حادثة غرق الإمام الوارث بن كعب الخروصي الذي كان حاكم عمان آنذاك ومعه ما يقارب سبعين شخصا في وادي كلبوه بولاية نزوى عندما حاول الإمام ومن معه إنقاذ السجناء من الغرق في الوادي الجارف ، وكان ذلك الحدث الفاجع في عام (190هجرية) الموافق( 806 ) ميلادي

كما سجل التاريخ في (251) هجرية الموافق865 ميلادي حدوث أعتى الأعاصير التي ضربت البلاد حيث ظلت المناطق التي اجتاحها الإعصار لفترة طويلة غير مأهولة بالسكان بعدما كانت مزدحمة بالبشر ،وذكر العلامة نور الدين السالمي في كتابه تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان (… وفي سنة إحدى وخمسين ومائتين كان بصحار وعمان السيل الكثير وانهدم دور كثير ومات فيه ناس كثير)
وأضاف السالمي (فأصبح السالم والموسر منهم فقيرا ويطلب الأكل و الشيئ اليسير وتركوا الأوطان وخربت المواضع والعمران حتى أنه ليمر بها الإنسان فتأخذه لمنظرها رهبة)
كما أشارت بعض المخطوطات القديمة إلى هطول أمطارا غزيرة وفيضانات خصوصا في سمائل و المناطق المجاورة لها ومن شدة ارتفاع منسوب المياه قيل أن زوجة عقيد العسكر بحصن سمائل كانت تغرف الماء من نافذة الحصن وكان ذلك في ( 4 رجب 513هجرية) الموافق (17 اكتوبر 1119 ميلادي)
كما ذكر الشيخ مداد بن عبدالله الناعبي في كتابه سيرة ابن مداد أن في( 5 جمادى الآخر 897 هجرية ) الموافق( 11ابريل 1492ميلادي ) ذكر عن حدوث دمار وغرق كامل بنزوى (… جرى على الناس في سنة سبع وتسعين وثمانمائة للهجرة خامس جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء 11ابريل 1492 ميلادي هطول مطر عظيم ووقعت جرفة عظيمة جرفت البيوت اللواتي على حافة الوادي ووصلت إلى مسجد الدار فأخذت هذه الجرفة من البيوت عدد مائتي وثمانية وأخذت جدار حصن العميري )

و سجل التاريخ أيضا أن في 1965 ميلادي حدثت امطارا غزيرة جرفت ما صادفته أمامها من بشر وشجر وحجر ولأنها حدثت في شهر صفر عُرفت بجرفة صفر.

واتذكر شخصيا الإعصار الذي ضرب جزيرة مصيرة عام (1977ميلادي ) والذي أحدث في الجزيرة دمارا هائلا وأذكر أنه تم نقل عدد من أهالي مصيرة ليسكنوا في المدرسة التي كنا ندرس فيها في مدينة روي وهي مدرسة الوليد بن عبد الملك حيث منحنا إجازة لمدة شهر كامل
وفي( 5 يونيو 2007ميلادي) عشنا إعصار جونو
كما حدث إعصار فيت في (4 يونيو2010) ومن الملاحظ أن في جونو وفيت كان للتأهب والجاهزية دور كبير في تقليل الخسائر البشرية والمادية مقارنة بالأحداث السابقة في تاريخ البلاد .

بقلم/ محمد بن علي الوهيبي