” مُزورو التاريخ…. فلتبكوا على أنفسكم “

0
2286

دماءُ العُماني مضرجةٌ بحميةِ راياتِ وألويةِ المهلب بن أبي صفرة، فتاريخهُ مغروسٌ في ترابِ أرضِ عمانَ الماجدة، وفتوحاتهُ الإسلاميةُ وقدراتهُ الحربيةُ ذاع صيتها آفاق السندِ والهند، ليكون مرصعاً في قلاداتِ الجيلِ الحاضرِ الذين يبجلون تاريخهم، فكيف لا والكثير منهم استماتَ بعد شمِ خبرٍ يدعي أن المهلبَ ليس عمانياً.

الشباب العُماني لم يهدأ له بالٌ ليلَ نهارَ في أبنيةِ مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، ورفعت معه أصواتُ شاشاتِ التلفزةِ والعديد من الإذاعات، فتوحدَ أذانها دون وعي ولا شعور ” تاريخُ عمان خطٌ أحمر “، بل سمعَ البحارُ العُماني أحمد بن ماجد النداءات في مقبرهِ، واسطرلابه يرى أحمد بن النعمان الكعبي أول مبعوثٍ إلى الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ وهو يجابهُ البحر في السفينةِ سلطانة، وبوصلةُ البحارِ العُماني تتنفسُ الصعداءَ مع وصولهِ إلى نيويورك.

مجالسُنا أصبحت تتحدثُ التاريخَ، فتتصدعُ معها الجدران مع ذكرِ الإمام ناصر بن مرشد الذي دك صناديدَ البرتغاليين الذي جاءوا إلى سواحلِ عمان فقط، راجعين إلى بلادِهم وفي نفوسهم الخيبة، مرددين أن هؤلاء الناس لا يهزموا، فالموتُ والحياةُ واحدٌ من أجلِ أرضِهم، فبات العُمانيون صغيرهم وكبيرهم يربون على حكاياتِ أمجادِهم التي سطرها أجدادهم، يسمعون قصةَ استنجادَ المرأةِ السقطرية بالصلت ابن مالك، بعد أن عاثَ الأحباش في سقطرى فساداً واستباحوا نسائها وقتلوا رجالها، فاستل الصلت سيفهُ ولم يدخلهُ إلى غمدهِ من مسقط رأسه شاذون إلى الجزيرة، فسطر العمانيون معه بطولةً تاريخيةً لا تنسى.

ولأمانةِ القلم، هبّ العمانيون مع أي دوي لنسبِ أيٍ من تاريخِهم للآخرين، وهم مدركون أنه لا يمحى أبداً فهو معروف للقاصي والداني، والكتبُ التاريخيةُ في أشهرِ مكتباتِ العالم قد وثقته، وعمان بكافةِ أجهزتها المعنيةِ لم تتنازلْ عن أيٍ من سطورِ مقدساتِ تاريخها المادي وغير المادي، بل مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية عبدالعزيز بن محمد الرواس أعلنها صراحةً وبنبرةٍ عاليةٍ لوسائلِ الإعلام ” تاريخُ عُمانَ تشهدُ له الآثارُ والعالم، ولن يتأثر مهما عبثَ العابثون وغردَ المغردون.

الغريبُ أن الأقدارَ وحدها تجعلُ من عُمانَ بلداً تاريخياً على مستوىً رفيع، فأبناءها يستقرؤن الأحداثَ بهدوء، وكأنهم جُبلوا على ذلك، فالتاريخُ الحديثُ سيكتبُ أن قابوساً رجلُ حنكة ودبلوماسية، فك طلاسمَ قضايا إقليميةٍ ودوليةٍ، كيف لا والقوى الكبرى تقول أن مفتاحَ السلامِ في المنطقة لن يكون إلا باسمِ سلطنة عمان.

تاريخُ عُمانَ مسجلٌ في قلوبِنا قبل كتبِنا، فالجيل الجديدُ والقادمُ مستمسكٌ به حتى آخر رمق، وكلُ ذرةِ رملٍ من هذا الوطنِ لن نتنازل عنه.

فارس بن جمعة الوهيبي