المجتمع البلدي

0
1939

من المؤكد ولا شك فيه بأن المجتمع العُماني بالفطرة جُبل على تقديم المعونة والعطاء وتقديم الخير للآخرين، سواء بمد يد العون عن طريق الدفع السخي بحسب الاستطاعة أو بالجهد البدني متمثل في إيصال العطايا من المقتدرين إلى المحتاجين أو من خلال المساهمة بالمعونة المعرفية التوعوية والتثقيفية وهي من الأعمال التي تُسهم بشكل فاعل في خدمة المجتمع. وهي قطعاً مكملة  للأعمال المؤسساتية الرسمية، ولأن قوام المجتمعات ليس مسؤولية الحكومات وحدها، بل مسؤولية مشتركة تقع على عاتق أطياف المجتمع.

قبل يومين في حديث جانبي بيني وبين أحد الأصدقاء الذي تربطني به علاقة وطيدة في الميادين التطوعية، هذا الميدان الذي يعمل به الإنسان على التضحية من وقته وجهده وماله في سبيل تقديم الخدمة للناس على وجه الخصوص والمجتمع بشكلٍ عام، وفي خضّم الحديث جاءتني فكرة قد تكون عابرة لا تعني شيء للبعض وقد تكون فكرة من الأفكار التي تلاقي الترحيب والقبول من أطياف المجتمع، فقلت له: لِمَ لا تكون لدينا فرق تطوعية مرتبطة بالأعمال البلدية، فالكل يعلم بأن العمل البلدي شامل العديد من المجالات، ويخدم كافة شرائح المجتمع، على سبيل المثال لا الحصر في المجال الصحي، التعامل مع محلات الحلاقة وصالونات التجميل النسائية وفي المجال الغذائي، فالغذاء هو عصب الحياة والكل حريص للحصول على معلومة تهمة عن الغذاء والكيفية الصحيحة في تداوله وطرق حفظه ونقله للمستهلك ومعرفة تواريخ الصلاحيات، والمائي، فالماء من العناصر المهمة التي يحرص الجميع على توفرها بطريقة مطابقة للمواصفات والمقاييس المتبعة وهذا أمر لا جدال فيه ولا مراء، على الجانب الآخر عندما يقوم المجتمع بتبني أمر تثقيف الناس بأهمية الحفاظ على الطبيعة والنظافة العامة وما له صلة بالبيئة من خلال تأصيل فكرة تنفيذ برامج تُعنى بالصحة والنظافة في البيئة والمشاركة الفاعلة من أفراد المجتمع في تنظيف الأفلاج والعيون والشواطئ والأماكن السياحية والأماكن العامة والحفاظ على الممتلكات العامة وعدم تشويه الجدران الخاصة والعامة سيكون جزء لا يتجزأ من نهج حياته، بالتالي يعكس هذا الفعل على أفراد المجتمع وعائلته، أضف إلى ذلك أهمية وجود المجتمع البلدي في التفاعل مع الأنشطة والبرامج التي تنفذها البلدية في المجالات المذكورة، على سبيل المثال أحد البرامج الذي استوقفني والذي قامت به وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه في مجال التفتيش على سلامة وصلاحية المواد الغذائية بعنوان “كن مفتشاً على غذائك”. وبطبيعة الحال عندما يكون أفراد المجتمع هم المفتشين وهم من يبلورون رسالة البلدية للناس بما يتوافق والتشريعات والنظم. فإن الرسالة ستكون أكثر سلاسة ومرونة.

وبإمكان الفريق أن يكون يد العون والمساند لمجلسي الشورى والبلدي  وذلك من خلال تجسير العلاقة بينهم بالتعاون مع البلدية لما فيه خدمة الناس والمجتمع وهناك العديد من المجالات المشتركة التي تعمد على تأصيل هذا التعاون، فالمجتمع المتحضر بطبيعة الحال يميل ويتوق إلى تقديم العون بطريقة ابتكارية وحداثية؛ تلامس حاجة المواطن وفق تطلعات العصر كعمل مطويات بطريقة مرنة وسهلة تعنون باسم المجتمع والبلدية أو وضع فواصل مرئية توضع في صفحاتهم الخاصة كأفراد أو الصفحة العامة للمجموعة، كل ذلك بدعم من القطاع الخاص والتجار وهم شريك أساس وداعم للمجتمع، وعندما تتأصل هذه الفكرة وتتبنى من قبل المجموعات سوف يتغير مفهوم المجموعة من دور البلدية في خدمة المجتمع إلى دور المجتمع في خدمة المجتمع، بالتالي يسوقنا إلى مفهوم دور المجتمع في خدمة البلدية.

أنا على يقين تام بأن هذه الأفكار ليست وليدة اللحظة أو جديدة على المجتمع العُماني فهناك العديد من المجالات التي قام بها المجتمع المدني بالتعاون مع البلدية، لكن فكرتي تتمحور في أهمية أن تكون هذه المجموعة ثابتة الأفكار والمفاهيم ولا تحيد عن أهدافها وتعمل وفق منهجية واضحة ويمكن التعريف عن الفكرة بعد التنسيق مع البلدية في الميادين العامة أو المراكز التجارية أو أي مكان به تجمع بشري بغية الوصول إلى أكبر شريحة من شرائح المجتمع، ولا يتأتى ذلك قبل أن يعمل الفرد في المجموعة على استقاء المعلومات من البلدية وفي حال ثمة لديه أفكار خلاقة وتطويرية تلامس لب العمل البلدي، مؤكد سيتم الترحيب بها وتقابل بمسؤولية وتؤخذ بعين الاعتبار. فالمجتمع هو الداعم الأساس وهو الركيزة التي يستند عليها أي عمل حكومي.

يقلم / يحيى المعشري