اطلال

0
2186

طبعت قُبلة على مفاتيح الكهرباء المسمّرة على الحائط
احتضنت الجدران
ربتُ بيدي على بلاط الحوش
مسحت الأرضية بحنين المسافر

اتجهت إلى غُرفة الدرج
شدني تقادم خط الحبر المنقوش عليه بأصابعي قبل عشرات الأعوام.

يومها سمعت كل شيئ يتحدث

سمعت الجماد الصامت يئنّ

المواسير المتهالكة

مسامير الابواب

مظلات الصفيح

القراميد

الدرابزين

من قال أن الاشياء لا تشعر؟ من قال؟

فقد سمعت صرير الطوب وصراخ الخراسان

سمعت الرمل بين مسامات البيت يهتف

و عكاز أبي المعلق على خطوب الدهر يذرف

يومها كنت أُدرك تماما أني لن أعود.

أُدرك أنها اللحظة الاخيرة التي تطأ فيها قدمي مساحة الطفولة.

فما أن أدرت لهيكل الدار ظهري حتى حولته معاول الحضارة آلى تُراب.

رأيت طيف طفلة تتشاقى خلف غبار السراب

مُنى؟ أهذه أنتِ!

لم تُجب كانت اخر النظرات منها ابتسامة ووداع حزن.

لم تبقَ الأطلال لأمد لها يدي

و لم يبقَ غيض من فيض تقافز رفاقي

حتى ألعابي و مرجوحتي وكُرة أخي تلاشت مع الضباب.

منى المعولي