الإنسانية هبة والمبادئ لا تتجزأ..!

0
1412

الدفاع عن حق الإنسان وكرامته لا ترتبط بدين معين أو زمن محدد.. فهناك من يختصهم الله بصفات عظيمة مثل الإيثار والإقدام والثبات على المبادئ مهما كانت الصعوبات ومهما زادت الإغراءات؛ والتاريخ حافل بشخصيات ثائرة على الظلم منتصرة للعدالة وحرية الإنسان وحقه في العيش الكريم ..وحينما يتفشى الظلم والطغيان في أمة من الأمم يرسل الله عباده المصطفين من الرسل والأنبياء لنصرة الضعفاء والمقهورين.
وتعتبر الرسالة المحمدية الرسالة الآلهية الأخيرة المتممة لمكارم الأخلاق، وكلف بتأدية أمانتها المبعوث رحمة للعالمين، رسول الإنسانية النبي الأمين محمد بن عبدالله، الذي قاوم الظلم ونشرالعدل وجعل ميزان التفاضل التقوى والأمانة والإخلاص والصدق والإيثار.

و بعد انتقال الرسول صل الله عليه وسلم للرفيق الأعلى، ظهر على الأرض في فترات مختلفة رجال أكرمهم الله بصفات وقيم عظيمة.. ينتصرون للمبادئ الرفيعة والقيم النبيلة.. ضحوا بأنفسهم دفاعا عن حق الإنسان في الحياة الكريمة، وثاروا ضد الطغيان والإستغلال..!
وقد اخترت التعريف بشكل موجز وسريع بثلاثة نماذج عظيمة ومؤثرة ظهرت في فترات مختلفة من الزمن، تصدت للظلم وقاومت الطغاة والجبروت وانتصرت للمبادئ والقيم النبيلة وتنازلت عن الأموال والمناصب، والقاسم المشترك لهذه النماذج صمودها في وجه الطغاة و زهدها في المكانة الدنيوية الرفيعة ومقاومتها لكل الإغراءات.

و أول هذه النماذج العظيمة سلطان العلماء القاضي العز بن عبدالسلام الذي رفض تهديدات وإغراءات الملك الصالح إسماعيل؛ وقال “أن الكرامة والعزة والمعجزات لله تعالى وليس لله شريك”. ودخل السجن وخرج منه أكثر ثباتا؛ وحينما شعر بأن الملك وحاشيته لا يأتمرون بأمر الله خلع عباءة القضاء وقام بتبليغ الرسالة التالية ( النصيحة الصادقة تقال في وجه الحاكم حتى تتقيد بها الرعية)..!

وثاني النماذج هو الأرجنتيني الرفيق أرنستو جيفارا الذي ترك مهنته كطبيب وتخلى عن كل الألقاب والمناصب من أجل نصرة المطحونين والمزارعين الضعفاء في أمريكا الجنوبية وحرض على الثورات ضد الطغيان والجبروت في كافة إنحاء العالم، واستقال من كافة المناصب الوزارية في كوبا نصرة لمبادئ الثورة ومقاومة الإمبريالية العالمية وآثرالوقوف مع الثوار ولم يتخلى عن مبادئ الثورة حتى مقتله في بوليفيا، وكان يعبر عن ذلك بقوله “أن حبي الحقيقي الذي يرويني هي الشعلة التي تحترق داخل الملايين من بائسي العالم من المحرومين، شعلة البحث عن الحرية والحق والعدالة”…!

و ارسل المفكر الأمريكي ( من أصل فلسطيني) أدوارد سعيد رسالة مفادها بأن نشأته وتواجده في أقوى دول العالم لن يمنعه من التصدي للصهاينة ومقاومة كافة أشكال الظلم والطغيان والوقوف بجانب نصرة القضية الفلسطينية، وقال: “بدأت نضالا لفضح الإنحياز والخبث الكامنين في السّلطة التي تعتمد في مصادر قوتها اعتمادا مطلقا على صورتها الإيديولوجية عن ذاتها بوصفها فاعلا أخلاقيا يتصرف بقصد شريف”.
و طالب أدوارد سعيد الفلسطينيين و شرفاء العالم برفض إتفاق أوسلو في فترة كان فيها مجرد ذكر اسم فلسطين استفزاز للساسة الامريكان..!

أنّ الهدف من كتابة هذا المقال يتلخص في مقولة فرانسيس بيكون: ” أصحاب المبادئ يعيشون مئات السنين، وأصحاب المصالح يموتون مئات المرات..”.
ولم يكن الهدف سرد أعمال هذه الشخصيات وإنما التذكير بالمبادئ الإنسانية التي ناضلوا من اجلها وبقت خالدة وراسخة في وجدان كل حر ونزيه.. رحلوا عن الدنيا وبقت مآثرهم وقيمهم الإنسانية الرفيعة..!

سعيد بن سالم الوهيبي