ذكريات الجامعة ( القرار والقدر) الجزء الثالث والأخير

0
1299

لعب فريق الشباب العديد من المباريات إبتداء من العام الجامعي 1986/ 1987 حتى العام الجامعي 1989/ 1990 ضد فرق وأندية محلية وخليجية، ومع أن المباريات التي لعبها الفريق خلال تلك الفترة كثيرة، لكن بعض المباريات تفرض نفسها علينا ولا تفارق خيالنا وتبقى أحداثها محفورة بالذاكرة  ونسترجعها كأنه فيلم سينمائي من روائع الأعمال شاهدناه بالأمس، ومن أشهر تلك المباريات المباراة  التي لعبها فريق ( الإستثنائي) ضد نجوم نادي فنجا وأبرز من لعب في تلك المباراة لاعبي المنتخب الأول في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات الشقيقان أحمد وسليمان خميس وسالم منصور والراحل عامر الطوقي والعنبوري ومحمد أحمد وسيف الطوقي وسيف الراشدي وغيرهم من نجوم الزمن الجميل.

و فاز فريق الشباب بالمباراة بعد عرض جميل وممتع من الفريق ككل ولكن يبقى الإستثنائي صاحب الدور الأكبرفي تحقيق ذلك الفوز من خلال مهاراته العالية وحرثه الملعب ومراوغاته المجدية وطريقته المبتكرة في افتكاك الكرة من الخصم وقيادته خط الوسط المكون منه بالإضافة للثلاثي حسن الرواس وعبدالله سعدالله وسعيد الوهيبي، ولذلك أقول بأن القدر حرم الشارع الرياضي بالسلطنة من موهبة كروية قليلا ما تتكرر في ملاعبنا.

ونعود إلى حكاية الإستثنائي مع الدورات الرمضانية والتي من خلالها تعرف عليه الشارع الرياضي حينما شارك في أول بطولة رمضانية له خارج أسوار الجامعة والتي أقيمتفي ملعب بيت الفلج عام 1988، والحكاية بدأت من خلالالتواصل والتشاور الذي تم مع الثنائي أحمد الحارثي وسعيد الوهيبي وبين لاعب نادي روي ماجد بن علي بن ناصرالوهيبي وفيها تم الإتفاق على إشراك ثلاثة لاعبين مننجوم فريق الشباب، الإستثنائي وأحمد سيف الحارثي وعمر سالم الرواس وبعد المباراة الأولى لهذه المجموعة الذهبية كانت الجماهير تتسائل متى تكون المباراة القادمة للإستثنائي ورفاقه حيث كانت الجماهير تحضر بكثافة للإستمتاع بفنه ولمساته السحرية وتترقب مبارياته بشغف، وكانت أغلب المباريات التي يلعبها هو ورفاقه تنتهي باكتساح الفرق المنافسة.

وكان يتابع مباريات الدورة الرمضانية في تلك الفترة الخبير الالماني( هيدرجوت) المتعاقد مع الإتحاد العماني لكرة القدم والذي كان يخطط إلى إعداد وتشكيل منتخبات سنية تكون نواة ومستقبل الكرة العمانية، وقد استدعى هيدرجوت العشرات من اللاعبين للتجربة وتصنيفهم إلى عدةمستويات وتصفيتهم وصولا للتشكيل الأمثل والأنسب للمنتخبات السنية.

ولكن اللاعب الذي يترقب هيدرجوت حضوره بشغف لم يحضر، وكرر إستدعائه  وحينما سأل عنه إدارة نادي رويأخبروه بأن اللاعب المقصود ما يزال طالب في كلية الهندسةبجامعة السلطان قابوس ولاينتمي الى اي نادي، وقد حاول عدد من إداريي أندية القمة إقناع الإستثنائي وتقديم عروض له للإنضمام لأنديتهم ولكنه رفض مما جعل هيدرجوت يقترح تشكيل وفد من أعضاء الإتحاد لزيارته بالجامعة ومحاولة إقناعه، ولكن الإستثنائي يصر على أن الوقت لم يحن بعد للالتحاق بأي نادي كروي.

ذكرت أنّ الإستثنائي يفضل اللعب مع فريق الشباب الذي شارك في تأسيسه أكثر من رغبته في اللعب معالأندية، وعلى الرغم من رفضه كل العروض بقي باب المفاوضات مع نادي العروبة مفتوحا نظرا للعلاقة الإستثنائية مع نادي العروبة ( إدارة وجمهور ولاعبين)، وقد بدأت هذه العلاقة الحميمة منذ تأسيس فريق الشبابوساعد على إستمرارها تواجد لاعبين عرباويين في الفريق هم؛ سالم بن خادم الهاشمي ومحمد بن حمود الصقلاوي وإنضم إليهم في السنة الثانية سعيد بن عبدالله الفنة ( درجال)، ولم تتوقف الزيارات والمباريات بين الفريقين، ففي كل فصل دراسي تقريبا يكون هناك لقاء، وهناك مفاوضات جادة ولقاءات مكثفة مع الإستثنائي قادها الشيخ بدر بن ناصر المخيني بهدف إقناعه ولعل أبرز الأسباب التي جعلت الإستثنائي يوافق على اللعب لنادي العروبة الشعورالمسبق بالوحدة حيث أن جميع أعضاء الفريق على موعد مع التخرج فيما يتبقى له ولزملائه في كلية الهندسة عام دراسي آخر.

و يصبح من الصعوبة أن يتجمع الرفاق كما كان الوضععليه خلال تواجدهم بالجامعة نظرا لعودة الجميع إلى ولاياتهم والتفكير في الحياة العملية والإجتماعية وحتى لا يشعر الإستثنائي بالوحدة وتختفي إبتسامته ومرحه المعهود بعد مغادرة شباب الفريق السكن الداخلي للجامعة، فقد كانت أفضل الخيارات الإلتحاق بالنادي الأقرب إلى قلبه خاصة وأن العرض الذي تقدم به نادي العروبة جيد في تلك الفترة، وأصبح لسان الحال يقول كما قال المبدع مشاري عراده؛ أنا في ابتساماتي عُرِفتُ ولم أزل.. حتى أتاني ما ينغص بسمتي.. إن أسعفتني دمعتي في فرحتي.. أنزلتها طرباً لأرسم بهجتي.. أو أسعفتني بالبكاء مرارة.. تتسابق العبرات تهجر مقلتي..!

وكان نادي العروبة حينما إنضم إليه الإستثنائي عام 1990يضم كوكبة من أفضل نجوم السلطنة مثل مطر خليفه والراحل خلفان زايد وشقيقه محمد وسعيد الفارسي وحمد الصقلاوي وسعيد الفارسي وعبدالخالق المخيني وسبيت مقطوف ومبارك سليم وغيرهم.

وفي أوج عطاء الإستثنائي وتميزه ولمعانه مع نادي العروبة توقفت الأحلام والطموحات فجأة حينما تعرض لحادثماسأوي وهو في طريقه لزيارة أهله في الخامس من ديسمبر عام 1992م.. الحادث الذي تحطمت معه أحلامهوآماله بعدما قررالأطباء عدم إمكانية عودة النجم سعيد بن محمد المسكري للملاعب ونصحه بالابتعاد نهائيا عن مباريات الكرة.. وبالتالي توقفت مسيرة نجم أنطفأ قبل أكتمال توهجه ولمعانه.

قبل الوداع

مهما بلغت آمالنا وبالغنا في حذرنا وبلغت إرادتنا أقصى مستوياتها، يبقى الإنسان قليل الحول والحيلة.. تسخرمنه وتتحكم به الأقدار.. مغلوب على أمره.. كالريشة التي يتقاذفها الريح ويتلاعب بها كيفما يشاء ..!

نهاية الحكاية

تقول الدكتورة هند حجازي؛ أن يُصبح وجعُك عصيّ الفهم حتى على أقرب أصدقائك فتغلق عليه داخلك كغصة في حلقك تتجرَّعها كل لحظة.. هو الوحدة عينها..!

انتهت الحكاية

سعيد بن سالم الوهيبي