وداعا أيها الغالي

0
2615

 

يحيى بن حمد الناعبي

 

اعتدنا خلال هذه الأيام أن نسمع عن وفيات كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب فايروس كورونا، إذ نصبح على خبر وفاة ونمسي على خبر آخر

فكلما سمعنا عن إنسان عزيز علينا قد فارق الحياة، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا أن السبب هو فايروس كورونا، الذي فتك بالملايين من البشر في كل أرجاء المعمورة ويزرأ تحت وطئته ملايين أخرى

فلا غرابة أن تسمع عن وفاة أو اثنتان أو ثلاثة من نفس الأسرة، أخبار تنفطر لها القلوب، فكثير من الشباب في عمر الزهور قضوا بسب هذا المرض الخطير.

وفي هذه الأيام العشر المباركة من شهر ذي الحجة فجعت وصدمت بوفاة ابن عمي حمد بن سعود المعمري من غير مرض ولا علة، موت مفاجئ بسكتة قلبية.

لقد أفنى حمد حياته في خدمة وطنه حيث التحق بالخدمة العسكرية في سلاح الجو السلطاني العماني لمدة عشرين سنة عمل فيها بكل تفان وإخلاص، ولم يدخر جهدا لخدمة هذا الوطن الغالي.

وقد شهد له بذلك مسؤولوه وزملاؤه في العمل، وبعد انقضاء هذه الفترة الزمنية الطويلة آثر أن يتقاعد ويلتحق للعمل بالقطاع الخاص، وذلك ليؤمن لقمة العيش الهانئة له ولأبنائه الذين يعولهم،
حيث تمكن من انشاء مسكن ملائم لأسرته، فمتطلبات الحياة الأساسية كثيرة، إذ يبذل رب الأسرة قصارى جهده لتوفير مايحتاجه البيت والأبناء من شتى المصاريف ومتطلبات الحياة حتى لايلجأ إلى سؤال غيره ليعيش متعففا عن السؤال.

هكذا عاش عزيزنا الغالي حمد طوال حياته، فإذا تتبعنا أغوار حياته منذ نشأته إلى حين وفاته نجد الإبتسامة لاتفارقه فهو مرح مع الجميع، مع الصغير قبل الكبير فبشاشة وجهه ومحياه الجميل وقلبه الطيب المحب للخير جعلا منه إنسانا محبوبا عند الجميع،

فنجده يزور أرحامه وأقاربه وزملاء العمل، وكذا جيرانه الذين يتلمس احتياجاتهم ويتحسس أخبارهم وخصوصاً خلال جائحة كورونا، فقد كان يقصد بيوتهم للسؤال عنهم والإطمئنان على أحوالهم فهو اجتماعي بطبعه، فلا عجب ان تغمرك الراحة والسعادة عند لقائك به.

وما أعظمها من مصيبة عندما تفقد شخصا عزيزا عليك يتحلى بهذه الخصال والسمات، وهو ليس كأي عزيز إذ هو الأب الحاني على أبنائه وزوجته،

وقد فقدته زوجته وأبناءه أمام ناظريهم، رحل عنهم ولسانه يطلب السماح منهم، فعحبا على أي شيء يسامحوه، فهم لم يجدوا منه إلا كل معروف، نعم كل خير فعله معهم، لم يكدر خاطرهم ولم ينكد صفو حياتهم، عاش بسلام ورحل بسلام وهو ينطق بالشهادتين ثلاث مرات يرددها على أسماعهم وسط ذهولهم واستسلامهم إلى أن خرجت روحه الطاهرة إلى بارئها،

فيالها من غصة وياله من فراق حزين ترك غصة في القلب، هذا هو حال الأبناء زكريا وإخوانه فكيف بحال الأب الذي يرى فلذة كبده يوارى الثرى أمام ناظريه وحال إخوانه وأخواته وجميع أحبابه، فقد ودعوا أمه قبل سنتين تقريبا وها هو حمد يلحق بها سريعا على نحو يصعب على العقول استيعاب ماجرى، وقد كان حزن حمد علي فراق أمه عظيما حيث خط بيده مخاطبا روح أمه الطاهرة ( أمي نقية كزهر أبيض، مبهجة كالمطر بعد الجفاف، نادرة لايشبهها أحد، لوكان باستطاعتنا لأعدنا الزمن وأهديناها أعمارنا، ربي إنها ليست أمام أعيننا ولكنها في قلوبنا، في دعائنا، انتقلت إلى جوارك لكن ذكراها باقية للأبد، اللهم افتح لها نافذة من نسائم فردوسك لاتغلق أبدا، وارحمها ياالله، واجعل منزلهاالفردوس الأعلى، واجعلها من الضاحكين في جنتك، فليكن قبرها باردا)

بهذه الكلمات النابعة من أعماق قلبه وبهذه الأمنيات رجى حمد من ربه أن تكون منزلة أمه في الجنة بإذن الله تعالى،

ونحن جميعا نرجو الله جل في علاه أن تكون منزلة حمد كمنزلة أمه وأن يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ولا نقول إلا مايرضي ربنا ( إنا لله وإنا إليه راجعون) وإنا على فراقك ياحمد لمحزونون)

وإذ أواسي أبناءه زكريا وإخوته وأطلب منهم الدعاء لأبيهم وأن يكونوا عند حسن ظن أبيهم وفي المراتب العليا حيث كان يتمنى أن يراهم فيها، وأواسي عمي العزيز سعود وأبنائه الأعزاء وجميع أحبابه على هذا المصاب الجلل وأسأل الله تعالى أن يجازيهم على صبرهم امتثالا لقول الله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
وأسأل الله تعالى حسن الخاتمة لي ولكم جميعا أعزائي الكرام.