عذرًا يا حسان عُمان على تبجح السفهاء

0
2569

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

في معتركِ هذه الحياة، وما يستجد بها من حوادث مؤلمة وأخبار صاعقة بفقد الأرواح من آثار هذه الوباء الذي عصف بهذه الأمة جمعاء، والذي تكاد لا تخلو بقعة منه إلا من سلمه الله وكتب له بإذنه الشفاء، والخلق منه بين خوف ورجاء كل قد شغله همهُ فتجده بين تضرع ودعاء،

وبرغم هذا الداء العضال وهذا البلاء تسمع من هنا وهناك نشاز الأصوات وبث سموم بعض الأقلام، فهناك من السفهاء من يتطاول على العلماء الأموات منهم والأحياء، وأقول ما الذي يدفع هؤلاء السفهاء إلى ذلك ؟وإني لأعجب ممن هذا هو حاله بل وأشفق عليه من فرط جهله وتبجح تصرفاته ليجعل من نفسة سخرية للآخرين فتأتيه سهام الحق من كل حدب وصوب لعله يرتدع ويتخلص من حقارة نفسه التي ألقت به في مهاوي الازدراء،

إن أنصار الحق يغارون لأهل الحق ويقدمون أنفسهم لهم فداء،فلينظر الواحد منا إلى موطىء قدمه وليعرف مكانته وقدر نفسه قبل أن ينبس ببنت شفة يرمي بها الأبرياء، ويتهم بها الأولياء ويجاهر بعدم تيقنه من كلامه الذي تفوه به وكفى بهذا التصريح من تطاول وافتراء، وخبث سريرةٍ وغباء،

قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) صدق الله العظيم الآية (6)الحجرات، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم،

فلا يجعل المرء من نفسة عرضة لهذا الوعيد من الله جل حلاله، وليحذر مما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم في الكثير من أحاديثه وما ينتظر المغتاب من عقاب بل وما ينتظر كل من تلبس بالبهتان من سوء منقلب وخذلان،

ويطيب لي في هذا المقام أن أستشهد بكلام الشيخ الأمين
أبو مُسلم البهلاني حاكيًا عن شيخه العلامة المحقق سعيد بن خلفان الخليلي رحمهما الله بعد أن وفقه الله لتخميس قصيدة الشيخ العلامة المحقق سموط الثناء وقد نعت العلامة البهلاني هذا التخميس بدرك المُنى في تخميس سموط الثناء

حيث قال رحمـه اللـه-؛ لم يتصل بي كيـفية تبتُّـل سيـدي القُطـبِ الخليـلي قـدَّس اللـه سـرّه بدعـوة سمـوط الثنـاء، إلا أن ما ذكـره شارحُهـا الشيـخ العلّامـة جمعـة بن خصـيف -رحمـه اللـه- من كون القطـب كان يرتّلهـا آناء الليـل و أطراف النهـار، و طَوراً ينـوّر بها سُدفة السَّحر و تارةً يُصمي بها رابعـة النهـار… حتى خُرقـت له عوائـد التمكيـن، و فتح اللـه له بها الفتـح المبيـن، ولمّا مَنَّ اللـه عـليَّ بتخميسهـا، تعرُّضاً لبركـات ذلك القطـب، و استمداداً للفتـح من نفثاتـه، لا مباراةً لكلامـه، فإنّ كلامـه وهبي لا يبلـغ شـأوه مثـلي حتى يقتحـم الضـالع الجبـلَ الأملـس، أو يصعد البُغـاث كسيـرُ الجناح إلى الفَلَك الأطلس. و لكني أمـرؤٌ حالفت خدمـة الأذكـار، و أُشربـتُ حب الإغتـراف من بحار الأسـرار، و علمتُ أن لهذه الدعوة أثراً ساطعـا و بُرهاناً قاطعـا، أشهر من الشمس في كبد السمـاء، و أغزر بركة من عيـالم الدأمـاء… فاستمسكتُ بعزتـها و أخذتُ بحُجزتها، و جعلتُها مع التخميـس لرب العزة نداءً و لبستُ لها من أديم السحـر رداءً، انتهى كلامه رحمه الله .

وهذا من بعض كلامه أفبعد هذا التواضع الجم؟ والرسوخ في العلمِ منذ القِدم، أرفع طرفي تجاه هذا العلم فكيف للجلمود أن يرقى بنفسة إلى النجم الغابر في الأفق البعيد، أم كيف يسمو بنفسه الوضيع؟ ليصبح في مرمى الجميع !

ولا يستوي المقامان مقام العلم ومقام الجهل، اللهم إنا نبرأ إليك من أقوال السفهاء ومن تفوه الجهّال، وقد صدق الشيخ أبو مسلم بقوله: وتلك ثمار الجهل والجهل مرتع وخيم وداءٌ للنفوس عقورُ. فعذرًا يا عالم الشعراء ويا شاعر العلماء، عذرًا يا حسان عُمان على تبجح السفهاء..