ترك الآثار ولحق بالأخيار

0
709

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

هاهم ورثة الأنبياء يرحلون لاحق إثر سابق، وقد وصلنا هذه الليلة نبأ وفاة العلامة يحيى بن أحمد الكندي وقد لحق بأخيه العلامة الدكتور إبراهيم، فقد غرس وزرع وحصد

وملأ الأرض بدروسه، التي أثمرت في نفوس وقلوب طلابه، فتحركت عقولهم بالإبداع، فمنهم الأطباء والمهندسون ومنهم الأساتذة والمخترعون

، وقد نشأ الشيخ يحيى من أسرة كريمة وبيت علم، وقد درس على شيوخ مشهود لهم بالعلم والفضل، ربما كان أبرزهم العلامة سعود بن سليمان الكندي رحمهم الله جميعًا

ولا تخفى سيرة الشيخ يحيى على أحد
وقد تشرفنا بالجلوس معه وزيارته لأكثر من مرة، وقد قصرنا في زيارته في الآونة الأخيرة، حتى وصلنا خبر وفاته، إلا أن تلك الزيارات القليلة، تعلمنا فيها بعض الجوانب المشرقة من حياته

كان شيخنا لا يتوقف عن النصح والإرشاد، وكان محبوبًا بين العباد، لا سيما طلابه الذين لا ينكرون فضله عليهم بعد الله تعالى، وكان من حرصه يوجهنا وينورنا بنصائحه المستمرة،وكان مجلسه عامرا بالعلم والعمل، ولن أنسى فضله عليّ ماحييت

فقد نبهني لبعض المسائل وأرشدني إلى أيسر الوسائل وكان يغدق بأجوبته على كل حائرٍ وسائل، وقد زارني في مقر عملي تواضعًا منه وكرم، ودعاني لتناول الغداء معه وأولاده الأفاضل،

وأنا أشهد له ولهم بالكرم الطائل، وقد التقيتُ بهم وكان أولهم الدكتور سعيد، بحكم عمله في مجال الطب وتوافق مكان عملي، ثم تعرفتُ على بقية أولاده وممن تعرفت عليهم عبدالله وأحمد وعبدالعزيز ومحمود، وزكريا وكل واحد منهم ذو مكانة ببركة العلم وأثر الشيخ يحيى المبارك

ومن كرم هذا الشيخ الفياض، أن أهداني قارورة عسل في بعض زياراتي له كما أهدى الشيخ عبدالعزيز بن حمود السيابي الذي عرفني عليه أول مرة، وكان العسل من أجود ما يكون، وهذا هو دأب الكريم اللهم اجعله في النعيم المقيم واجعله من السعداء مع الشهداء والصالحين

وقد التقيتُ الشيخ العلامة سعيد بن خلف الخروصي رحمه الله ذات مرة ، في مشفى خولة وقد أتى لزيارة الشيخ يحيى فرافقته إلى مكان ترقيد الشيخ يحيى، وتشرفتُ بخدمتهما حتى لحظة اسئذان الشيخ سعيد بالذهاب

عانى شيخنا من مرض قديم أصاب قدمه فسافر على إثر هذه المرض إلى الهند باكرًا، وقد أخبرني بنفسه بذلك، كان الشيخ يحرص على اتباع الحمية في طعامه وقد صبر على ترك الأطعمة الدسمة التي تضر بالبدن أو تزيد من استفحال المرض،

ثم عانى من بعض الأمراض في سنواته الأخيره، وقد قصرنا في زيارته والسؤال عنه، وكان لا يقطع سلامه ولا سؤاله، فقد ترك لنا الآثار ليلحق بالأخيار، فما مات من ترك علمه في صدور طلابه ينير لهم نور العلم و الفقه

تبكيك نزوى وسائر المدائن، تبكيك حلقات العلم والإيمان في كل الأماكن
فغرسك الميمون أيها الشيخ في القلب ساكن، وحُق لك أن ترثى وقد تركت لنا هذه الثلمة التي من ذا الذي يسدها مِن بعدك، ولا أراها تُسد فطوبى للمحاسن

فرحم الله شيخنا الجليل، وأسكنه الفردوس الأعلى وجزاه الله عنا وعن الإسلام كل خير، ونتوجه بخالص العزاء لأنفسنا أولًا، ولسائر العلماء والمشايخ الأجلاء ولكل أقاربه وأحبابه وطلابه ولجميع أولاده النجباء.