وداع بيتنا بلا تكريم

0
11311

اليوم ونحن علي مشارف توديع بيتنا الكبير الذي أعطيناه جل شبابنا وعطائنا نودعه والغصه بداخلنا،هذا البيت لم يكن بمثابة شركة نعمل فيها بل كانت عمان بأكملها نبني من خلالها مستقبل وطن،

قبل ثلاثين عام كانت الإتصالات لا زالت شبه بدائية وكنا اول الأفواج المدربه والمتعلمة في مجال الاتصالات ،كان الواجب الوطني ينادينا بأن نشارك في بناء هذا التراب المقدس فقطعنا المسافات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب وصعدنا القممم والجبال وتجاوزنا الوديان والقفار لنصل الي قري نائية حتي نركب اجهزة الاستقبال والأرسال،قضينا معظم حياتنا ونحن نؤدي هذا الواجب بحماس لا يفتر وبعزيمة جبارة،وكم كنا نسعد بكلمات الشكر والثناء من كبار السن والأطفال الذين ينظرون إلينا وهم مجتمعين حولنا في انتظار استقبال الأشارة شاهدين علي لحضة تاريخية من عمر قريتهم النائية،وما زلت اذكر تلك المرأة البدوية الكبيرة في السن والتي بعد ان انتهينا من تركيب اجهزة الفيسات وهي اجهزه تستخدم للإرسال والاستقبال وكانت تراقبنا لأكثر من ثمان ساعات وتأتي الينا بالماء والقهوه والتمر وبعد الانتهاء قالت بلهجتها البدوية هل انتهيتم قلنا نعم واذا بها تفتح عقدة في طرف ثيابها لتخرج لنا ورقه صغيرة مكتوب عليها رقم دولي فقلت لها ما هذا قالت هذا رقم ولدي يدرس في الخارج ولي اكثر من سنه لم اسمع صوته لم نكن جاهزين.

بعد لتجربة الاتصال ولكني عندما رأيت تلك العيون التي تكاد ان تدمع من الحنين اخذت اجري اتصالي بقسم الكنترول حتي انهي كامل المهمة في نفس اليوم وبعد ساعه من الأنتهاء اتصلت بذلك الرقم واذا بشاب يكلمني من بريطانيا فقلت له هناك من يود الحديث اليك واعطيتها السماعه واذا بالأصوات ترتفع والدموع تنهال لم تكن فرحة الام والأبن فقط بل فرحة القرية النائية بأكملها التي دخلتها الاتصالات وقربت البعيد،هكذا كنا نعمل حب وتفاني للوطن وهكذا مهدنا الطريق لأجيال من بعدنا

كم تعرضنا لحوادث طرق وكم فقدنا من احبابنا مهندسين شباب كانوا في مهام للشركة ،واليوم نجد انفسنا في موقف غريب كنا نتوقع ان يتم تكريمنا بعد هذه السنوات وبعد ان تمت احالتنا للتقاعد الاجباري. ،كنا نتوقع ان يحتفل بنا من كبار مسؤولين الشركة وادارتها بكلمة شكرا لكم بنيتم الوطن وانتم السبب الاول في تطور الشركة وازدهارها طيلة السنين الماضية كنا نتوقع اكثر من هذا الخروج المحزن لنا
لم يأتي علي بال احد منا ونحن من قضينا بالعمل اكثر مما قضيناه في منازلنا ان نخرج من هذه الشركة وبيننا قضايا سوف يفصل فيها القضاء بعد أن لم نجد جواب للأبواب التي طرقت ،للأسف احبطنا كثيرا لم يجازي الأحسان بالأحسان ولم ينظر الي عمر اندثر وقضي شبابه وهو يبني. اعمدة صلبه بالشركة،لم يجد الوقت يؤسس لنفسه عمل خاص يسترزق منه ولم يبني عمارات او يستحوذ علي اراضي صناعية وتجارية وهكذا هو حال الجنود فالجندي لا يحمل فقط البندقية بل هو كل مواطن شمر عن سواعده ليبني ويعمر هذا الوطن
واليوم رغم اننا نودع الشركة التي احببناها بكل جوارحنا. نجد انفسنا نخرج من ذلك المبني الكبير لشركة عمانتل وفي القلب غصه لهذا الوداع
بدون توديع يليق بما قدمناه من تضحيات سوف تعصف بما تبقي من العمر لأفراد لم ينظروا يوما لحياتهم بل اخلصوا لعملهم من أجل هذه الوطن.

بقلم /عدنان قطن
مهندس اتصالات