فقل سلام

0
883

يحيى بن حمد الناعبي

وفاة تلو الأخرى ومصيبة بعد مصيبة، وما أعظمها من مصيبة عندما تفقد عزيزا عليك وليس كأي عزيز، رفيق دربك وتوأم حياتك،

فلم تكن تتصور أن تعيش الحياة بدونه ويصل الأمر بك أحياناً أن تتمنى الموت وتختفي من هذا الوجود، تبتلعك الأرض أو تهوي بك الريح في مكان سحيق،

ففقده ليس كأي فقد، فقد أبدي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فراغ كبير وغصة في القلب، انكسار في الظهر، تراه في منامك، لاتستوعب معنى رحيله، ينحني عودك لأنه كان سندك وعكاز حياتك، تتكئ عليه في كل محنة، تفتخر به أمام العالم بأن لك أخ حنون بمثابة الأب الحبيب الحنون ورفيق دربك وأساس مشورتك وقوس سهمك،

تحاوره قبل نومك إن كان هناك نوم، فأغلب الليالي تعاني الأمرين قبل النوم، فنومك يسير لايتجاوز الساعة والساعتين،

عندما يزداد شوقك إليه تتصل بأحد أصدقائه كي يسليك ويبعد عنك غربتك،

وعندما كتبت مقالي الأخير بعنوان “لوعة الفراق وألم الفقد” بعثته إليه من باب المواساة ولكنني تفاجأت برسالته لي والتي يقول فيها ” ألم يصاحبي زهاء الثلاثة أشهر ولايزال يزداد يوما بعد يوم والشعور بالوحدة القاتلة يلفني رغم وجود إخواني بجانبي وفي وجداني، ولكن أبا عامر كان كياني، كان سندي وكان سهمي وأهل مشورتي، فبفراقه أصبحت وحيدا بائسا منكسرا،

نعم هكذا تكون الحياة بعد فراق أعز الأحباب و الأصحاب، هكذا يكون فقد الأخ مؤلما وأيما ألم، هكذا تسود الدنيا في وجه من فقد أخاه وحبيبه وتوأم حياته، تتنغص حياته ويعيش في نكد وضيق،

لذا لابد لنا أن نراجع أنفسنا في علاقتنا بإخواننا ومن نحبهم، فلا تغريك الدنيا ولايخطر ببالك يوما من الأيام أنك تستطيع أن تعيش بمعزل عن إخوتك أو أنك تستغني عنهم،

فالحياة بدونهم عدم وفقدهم مصيبة وندم تلازمك طولفقل سلام عمرك إن قدر لأحدهم أن يغادر هذه الحياة، فلا ينفعك ندمك ولات حين ندم، ولاتنفعك قبلة على جبين ميت ولا اعتذار من أبنائه، فمن يسامحك إن أخطأت في حق أخيك وحبيبك إن غادر هذه الحياة،

تتمنى رجوعه لكي تعتذر منه وتقبل جبينه وتحضنه بكل شوق، وتنظر إليه وينظر إليك وتتسامحان،

فبادر أخي العزيز إلى تصفية نفسك من كل حقد وحسد وضغينه وزعل وكل مايكدر صفو الحياة، وعش بمحبة ومودة وصفاء تكن أسعد الناس،

أرجو لي ولكم جميعا السعادة في الدارين وأن نعيش مع إخواننا حياة طيبة سعيدة يضرب بها في المودة والإخاء.