يتنافسون على حطامها

0
1016

يحيى بن حمد الناعبي

نؤمن بأن الله تعالى هو الرزاق، ونعلم علم اليقين أن كل منا يأخذ رزقه، لأن الله قد كفل لكل منا رزقه، وسوف يحصل الإنسان على رزقه وفقا لمشيئة الله تعالى وبالقدر الذي حدده الله، فحتى لو جرى جري الوحوش غير رزقه مايحوش،

فلماذا نجعل جل همنا حطام الدنيا الزائل؟ ولماذا نضحي بالغالي والنفيس لأجل هذا الحطام؟

نبيع أمهاتنا وآباءنا وزوجاتنا وإخواننا وجيراننا وأحبتنا لأجل هذا المال؟! لماذا يكون هذا المال سببا في دمارنا وهلاكنا؟ لماذا يكون سببا في تعاستنا عوض سعادتنا؟ لماذا نمسي ونصبح ولا نفكر في شيء سواه؟

فإذا كنا نحب المال حبا جما لأن الإنسان جبل على حبه، فلماذا لايكون التنافس بيننا في جمعه تنافسا شريفا، لماذا نكيد المكائد ونختلق الحيل للإيقاع بإخواننا وننال منهم،

فكر في نفسك قليلا أيها الجامع للمال، اسأل نفسك ما الهدف من جمعه؟ أهو لأجل الجمع فقط، أم للشهرة والتباهي؟! وهل ستكون سعيدا عندما تتباهى بالمال ويقال إنك مليونير أو ملياردير، هل هذه هي قمة السعادة لديك؟ وهل هذا هو هدفك الأسمى في الحياة؟!

ألم تعلم أن هذا المال هو مال الله تعالى وهو أمانة بين يديك؟
ألم تعلم أن فيه حق لله تعالى وحق للسائل والمحروم؟ ألم تعلم بأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده؟

لماذا لايظهر هذا الأثر عليك وعلى أبنائك وأسرتك ومن تحب؟ لماذا تجعل أقرب الأقربين يحتاجون إليك، لماذا تجعلهم ينفرون منك بسبب جشعك وطمعك؟!

لماذا تجعل الناس يتكلمون عنك بالشر، والأجدر بك أن تجعلهم يتحدثون عنك بالخير، لماذا لاتحول نقمة جمع المال إلى نعمة؟

نعم فكر جيدا وحولها إلى نعمة، فالمال نعمة عظيمة من نعم الله علينا إن أحسنا استعمالها وأدينا حقها تجاه الله تعالى وتجاه عباده، حينها ستشعر بالسعادة المفقودة لديك، وحينها سيغبطك الناس بعد أن كانوا يحسدونك، وستعيش حياة هانئة، وتزول عنك منغصات الحياة وأمراضها وأسقامها،

اخرج زكاة مالك، تصدق بجزء منه على الفقراء والمحتاجين، اسع في مساعدة الناس، تلمس حاجات المساكين واليتامى وغيرهم من الذين قست عليهم الحياة، ولا يعلم بحالهم إلا خالقهم، يبيتون جوعى، ولايجدون مايسدون به رمق حياتهم،

ادعم الفرق الخيرية بما يحتاجونه من مال لأنهم يقومون بخدمة هذه الفئة المتعففة من الناس،

قم ببناء المساجد والمدارس والبيوت ودور الأيتام، فكم من الأجور تنالها بسبب هذه الأفعال العظيمة،

فكم من الأيادي التي تمتد إلى السماء تدعو لك، وكم من بكاء طفل حولته إلى فرح، وكم من دعوة بظهر الغيب تحتاجها في يوم لاينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم،

فسابق إلى فعل الخير وإلى مغفرة الله تعالى (۞ وَسَارِعُوۤا۟ إِلَىٰ مَغۡفِرَةࣲ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِینَ)[سورة آل عمران 133]

(مَّن ذَا ٱلَّذِی یُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا فَیُضَـٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥۤ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ)[سورة الحديد 11]

أسأل الله العظيم لي ولكم حسن الخاتمة.

الخميس ١٠ ذي القعدة ١٤٤١ ه
الموافق ٢ يوليو ٢٠٢٠ م