رفيق درب أبي

0
1571

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

إن من نعم الله على الإنسان الصحبة الطيبة والرفقة الصالحة ،والصاحب إما أن يرفعك معه إلى أعلى المراتب وإما أن  يهوي بك في كثير ٍ من الزلات والمصائب

وكما قيل الصاحب ساحب ولا تخلو الصحبة من المصالح والمطالب إلا ما ندر كما أنه لا تُعدم الأرض من الأوفياء في زمن الغرائب والعجائب

وقد قيل في هذا الشأن الكثير من العبارات الجميلة والأشعار المعبرة ومن هذه العبارات قل لي من تصاحب؟ أخبرك من أنت؟ ومما قيل أيضًا الصديق وقت الضيق

وكما قيل أيضًا من باب الحذر احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة وأتى التحذير هنا لأن الصاحب في كثير من الأحيان يطّلع على معظم خبايا صاحبه وأسراره وكثيرة هي الأقوال فيما يتعلق بالرفقة والصحبة

ومحور حديثنا هذه المرة عن الصحبة الطيبة والرفقة الصالحة هذا وإن من البر أن يزور المرء رفقاء والده وصحبته لا سيما الصلحاء منهم والأوفياء

ويطيب لي في هذا المقال ذكر رفيق أبي في تعلم القرآن وهو العم الزاهد والتقي العابد
العم يحيى بن سليمان الرمحي حفظه الله وهو الأخ غير الشقيق للأخوين الشقيقين العم علي بن تميم رحمه الله والعم خميس بن تميم شفاه الله وعافاه

عرف العم يحيى بتقواه وورعه وخوفه من الله وكثيرًا ما كان يؤذن في كثير من المساجد كما كان يفعل أبي أيضًا تمامًا

ومن هذه المساجد التي كانا يؤذنان فيها جامع روي القديم مسجد السيد، حيث كُنا أهلٌ وجيران في نفس المنطقة والمسجد فهما على نفس الأفعال والخصال

، كان العم يحيى يمر على أبي رحمه الله في الصغر ليذهبا معًا لتعلم القرآن عند المعلم سالم بن ناصر الوهيبي والد العم حبيب رحمهما الله وقد كان أبي يذكر ذلك كما ذكر لي الآن العم يحيى في رسالة صوتية مطولة

أرسلها لي عبر الهاتف يشكرني على كتاباتي المتواصلة ويحثني على الاستمرار والمضي قُدمًا في هذا الطريق ويدعو لي بالخير وأنه متابع لي ولما أكتبه وينقل لي انطباعه الجميل وشعوره الطيب إزاء ما أكتب

وقد بلغني من أسرهم وذويهم كلمات الشكر والعرفان والتشجيع وعبارات الفخر ولم أقل إلا الحق وما أملاه علىّ ضميري تجاههم وأنا أحقُ أن أفخر بهم لأنهم هم من علموني وهم من وجهوني منذ الصغر إلى أن كبرت

ولا ينكر دورهم الدعوي والتوعوي في مدينة روي الحبيبة خاصةً وفي أرجاء السلطنة وخارجها عامةً إلا جاحد أو غافل ولم نشعر معهم وبزياراتهم إلا كالأسرة الواحدة

وقد صحبت العم يحيى في أول حجة لي وكان ذلك في عام ١٤٢٠ للهجرة أي منذ عقدين من الزمان ولازلت أذكر تفاصيل هذه الحجة وكأن ذلك كان بالأمس

حيث حججت وأنا لم أتزوج بعد وكان أول ما فكرت به بعد الوظيفة هو حج بيت الله الحرام والأمر الآخر عمل مكتبة منزلية والحرص على اقتناء الكتب المفيدة والنافعة فتحقق ذلك بتوفيق من الله ويسر

ولم أعرف عن العم يحيى إلا تقيًا صواماً ولم أجده خلال هذه الصحبة الإيمانية في رحلة الحج المباركة إلا قواما حيث كنا في نفس الغرفة في السكن عبر حملة العم سالم بن خلفان الوهيبي حفظه الله وكانت تكاليف الرحلة آنذاك لا تتجاوز المائتي ريالٍ عماني

وكان معنا الأخ القريب محمود بن عبدالله الوهيبي وهو من أقارب أبي رحمه الله والأخ القريب سيف بن خلفان الوهيبي ونعم الصحبة والإخوة
وفي صحبتهم جميعًا الخير والبركة وكان مما شهدناه على العم يحيى كثرة التنفل وتلاوة القرآن لازمنا صحبته في مكة والمدينة وفي عرصات الحج المختلفة في تلك البقاع الطاهرة كمنى وعرفات ومزدلفه والمشعر الحرام وعند رمي الجمار ،

كان شديد البكاء والتأثر حين زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وعند زيارة أهل البقيع ومقبرة الشهداء قرب جبل أحد

وكنتُ ومنذ تلك الحجة المباركة وأنا اعمل بوصايا الشيخين سعيد بن حمد الحارثي والشيخ سعيد بن خلف الخروصي رحمهما الله، ألا وأن أعظم الوصايا الدعاء

وزادني الشيخ سعيد بن حمد الحارثي بوصية غالية وهي أن أصحب معي كتابه القيم غرس الصواب في قلوب الأحباب فكان نعم الجليس ونعم الكتاب فرحم الله تلك الأرواح الزكية وحياها الله من صحبةٍ وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى مع الأباء والأصحاب

هذا ما تطفلتُ به عليكم من خلال سردي لهذه السيرة العطرة وبعض مما عرفته عن رفيق درب أبي العم يحيى ولم أحم إلا حول حماه ولم أبلغ مرماه ومرساه ولم أصب إلا النزر اليسير والله أعلم بالكثير ، بارك الله فيه وفي ذريته جميعًا وحفظه لأهله وإخوانه