قابوس الوطن والإنسان والزعيمُ والسُلطان

0
3344

بقلم/ ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

بكت السماء قُبيل رحيلك سيدي وأجهشت الريح بالبكاء، أيُ حزن خيم على أهل عُمان يا سيدي السُلطان، ‏رحلت سيدي قابوس وتركت لنا أثرًا في النفوس بكتك القلوب قبل العيون
‏ رحمة الله تغشاك ستظل في القلوب وفي العيون ما عاشت الأرواح وبقيت الأنفاس ⁧‫، فكلماتك لا تزال تدوي في مسامعنا ونطقك السامي راسخٌ في القلوب وفي الوجدان بذلت روحك وشبابك وصحتك من أجل عُمان وأهل عُمان

قال ربنا العظيم في محكم التنزيل في سورة الرحمٰن ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) صدق الله العظيم الآية ( ٦٠ )، ونحن نذكر منك الخير والكرم والجود والسخاء والبذل والوفاء فلك الشكر بعد الله تعالى نسأل الله لك الرحمة والغفران ولك منا خالص الدعاء والعرفان وقد شهد لك العالم بأجمعه فضلًا عنا نحن أهل عُمان فأوقدت الهمم وبلغت بنهجك القويم القمم وتركت عُمان راسخة قًوية ذات هيبةٍ وسيادة وشمم وبالجد وبالإخلاص أرسيت المبادىء وحثثت بالحفاظ على القيم عليك من الله شآبيب الرحمة والرضوان ، حملت الوطن في قلبك وجعلت الشعب نصب عينيك فحملك الوطن وشكرك الشعب وقد بدى ذلك واضحًا وجليًا للعيان في مرضك الأخير والتفاف الشعب حولك وتكاتفهم وتوحيد الدعاء لك ثم متابعة أحوال صحتك ثم لحظة إعلان خبر وفاتك ولحظات الصلاة عليك وحمل نعشك وجثمانك الطاهر والقلوب ضارعة والألسن داعية فشكرًا لك على فيض العطاء وشكرًا لشعبك العظيم وقواتك الباسلة على ملحمة الحب والولاء

شكرًا لك على سيرة الإخلاص والوفاء فقد وعدت فأنجزت وصبرت ونلت وتركت عُمان راضية عن سيرتك المرضية فلم تزج بنا كما فعل غيرك في ويلات الحروب ولم تتركنا في حاجة وعوز كبعض الدول والشعوب ولم تكلنا للتفرق والتشرذم بل أرسيت دعائم الحب والسلام ونشرت التسامح والوئام وقد سرت فينا كلماتك المضيئة فكان مما قلت : ( فإن على كل مواطنٍ أن يكون حارسًا أمينًا على مكتسبات الوطن ومنجزاته التي لم تتحقق كما نعلم جميعًا إلا بدماء الشهداء وجهد العاملين الأوفياء وأن لا يسمح للأفكار الدخيلة التي تتستر خلف شعارات براقة عديدة أن تهدد أمن بلده واستقراره ، وأن يَحّذَرَ ويُحَذِر من هذه الأفكار التي تهدف إلى زعزعة كيان الأمة

وأن يتمسك بِلُب مبادىء دينه الحنيف وشريعته السمحة التي تحُثُه على الالتزام بروح التسامح والأُلفة والمحبة) انتهى كلام القائد الحكيم رحمه الله أنار عمان طوال هذه العقود التي بلغت نصف قرنٍ من الزمان، فقابوس وحده وطن وقد عجبتُ كيف لوطن يحتوي وطن ، حينما كان الوطن عُمان كان قابوس وحده وطن يحوي بقلبه بقعة في الأرض تُذعى عُمان اقترن اسمه باسمها عقودًا وأزمان، فكان هو الوطن والإنسان ، أما كونه الوطن فقد حوى في قلبه الوطن وأما كونه الإنسان فقد حوى شعبه وطاف بجميع ولايات وقرى عُمان وجلس إلى شعبه ليسمع احتياجاتهم ويلبي رغباتهم ليكمل مسيرة الخير والنماء والبذل والعطاء ،وكان هو الأب أيضًا وكان هو القائد وكان هو الزعيمْ والسلطان

كان هو الزعيم في إدارة شؤون البلاد وله الزعامة المطلقة وكان هو السُلطان لأنه سلطان ابن سلطان ابن سلطان لم يكن يطمع في المنصب لحب سلطةٍ ولكنه أراد أن ينهض بعمان ليواكب التطور وأن يكون لعمان في العلا شأنٌ وأي شأن وقد حازت قصب السبق في كثيرٍ من المنجزات بين البلدان وأصبح يُحسب لها ألف حساب بفضل حكمة السُلطان، أسعدك ربي كما أسعدتنا وأكرمك ربي كما اكرمتنا حتى غدت عُمان من أجمل البلدان ومن أعظم الأوطان، ورحلت عنا بسلام بعد أن أرسيت لنا القواعد وثبت لنا الأركان وأوصيت لمن يخلف من بعدك فنعم الوصية أيها الشهم الهُمام فنم قربر العين بسلام وإلى جنان الله الخالدة ، فقد أديت الأمانة وسلمتها لأمين رحمك الله يا سلطاننا العطيم قابوس ووفق الله السلطان هيثم بن طارق بن تيمور لحمل الأمانة وإدارة شؤون الرعية على أكمل وجه وهكذا هي عُمان يرحل سلطان بسلام وفخر ويأتي سلطان بسلام وفخر ولا مكان للشقاق ولا للفتن وتستمر المنجزات وتتوالى الخيرات بإذن الله على شعب عُمان ويبقى اسم السلطان قابوس محفورًا في القلوب وفي النفوس مهما توالت الحقب والأزمان فأثرهُ راسخٌ وخالد في الوجدان أبد الآبدين.