ثمرة اللقاء من بركات العُمرة

0
1867

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

من رحاب البيت العتيق وحمى الله الآمن الطاهر
أذكركم في دعائي لعل دعائي يصل إليكم وأنا في حمى الحامي الذي لايُردّ عنده سائل ولا يخيب عنده كل آمل بل ولا تستعصي عليه المسائل والوسائل كيف لا وهو رب الجميع و جوده للكل شامل، وقد ألقيتُ رحلي عند بابه وأنختُ راحلتي قرب بيته وحماه فما أعظمها من قربة وما أكرمها من فرصة أن تتهيأ لي مرة أخرى وقد بلغت النية ورافقتها الهمة فيا ربي لك الحمد على فيض النعم وسوابغ الفضل والكرم وهذه المرة بصحبة شقيقي الأكبر خالد والإخوة الأفاضل زملاء الدراسة داود الوهيبي وماهر العرفاتي وقد أدينا مناسك العمرة بكل سهولة ويسر ونسأل الله الإخلاص والقبول ،. وقد تعرفنا أثناء هذه الرحلة الإيمانية والعمرة المباركة على أحد الإخوة الأفاضل من مكة المكرمة وقد بدأ بالسلام علينا ونحن ندعو ناحية المقام وقد غمرنا بحديثه المشوق وابتسامته العريضة

وكان في غاية الكرم واللطف وقد التقينا معه ليومين متتاليين وقد اتخذ له مكانًا ناحية الباب والمقام وكأنه يحرص على دعاء الملتزم والصلاة خلف المقام وهو يكرر علينا نفس الطلب بالدعوة للغداء فسُعدنا بدعوته وإلحاحه بالطلب ، وتكراره لهذه الدعوة الجليلة دليلٌ على كرمه الفياض وخلقه الرفيع وحرصه على إكرام الضيف وهذه الصفات من شيم العرب ،ولكننا اعتذرنا منه لقصر المدة التي أتينا فيها وهي أيام قلائل وآثرنا قضاء هذه اللحظات من الأيام في الحرم وطيبنا خاطره على أن نعود في قابل بإذن الله إذا كان في العمر بقية لنلبي دعوته ولم نرغب حقيقة الأمر في التكليف عليه منذ أول لقاء ومعرفة بيننا

مع أنه كان يقول بأنه لا يتكلف بل يتشرف وهذا الرجل من أهل مكة المكرمة حرسها الله ويُدعى مصطفى جمل الليل وهو اسمٌ واحدٌ مركب وربما أنكم ستستغربون الاسم كما استغربناه نحن أيضًا فبين لنا سر التسمية وهو أن جده كان كثير التهجد وقيام الليل فسُمي بجمل الليل ثم سُمي هو بهذا الاسم المركب نسبةً إلى الجد ومعنى ذلك أنه كثير الصبر على قيام الليل كصبر الجمل على الكثير من الأمور وقد اقترن الصبر بالجمل الذي يضرب به الأمثال في الصبر، وقد أخبرنا بأن له أقاربًا وأرحامًا في سلطنة عُمان وهم من الأُسر المعروفة والثرية فجزاه الله خير الجزاء ولا شك أن ثمرة هذا اللقاء من بركات العمرة

كما تعرفت كذلك على الرجل المكافح والشيخ الوقور العم أحمد بن حسن البو عبدالله وهو في عقوده السبعة ومثلها سبعة أعوام فقد بلغ السابعة والسبعين من العمر وقد جرى بيني وبينه حديث عابر سررت به كثيرًا وهو من أهل الجنوب وتحديدًا من أبها فقد عمل معلمًا ثم مديرًا للمدرسة ثم موجهًا ثم رئيسًا لقسم التوعية الإسلامية مرحلة طويلة من الكفاح والعطاء وكان في غاية الفصاحة والبلاغة نسأل الله لنا وله حُسن الختام، وقد كتب الله لنا كثرة الطواف في هذه العمرة المباركة ولله الحمد وهو من أحب الأعمال لأهل الآفاق أن يكثروا من الطواف بل وأفضلها على الإطلاق، كما سمعت ذلك من شيخي سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله ، ومما لفت انتباهي في كل مرة في الطواف وهذا ليس بجديد في حقيقة الأمر وهو قيام البعض بأداء مناسك العمرة مجموعات وزرافات ولا بأس في ذلك ما لم ترتكب الأخطاء أو يترتب على ذلك أي إيذاء لباقي المعتمرين وزوار البيت الحرام ، فيقومون بالترديد خلف شخص واحد، بصوت واحد، ودعاء واحد من خلال القراءة من كتاب وربما قد يتم قراءة هذا الكتاب كله بفصه ونصه وربما لا يستثى من ذلك الكتاب شيئا حتى أواخر الكلمات كآخر عبارة في الكتاب وهي تم بحمد الله طُبع في مطابع المطبعة الفلانية فهنا تكمن المُشكلة ولذا يجب التنبيه

وعلى كل واحد الدعاء بما يفقه ويحفظ حتى لو كان بلهجته وقد كان الشيخ سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله يقول إن من يقرأ من كتاب وهو يؤدي المناسك لا يحس بروحانية المكان ولا يستشعر المناسك وعليه الدعاء بما يحفط وعليه الدعاء من صميم قلبه حتى لو كان بلهجته فالله تبارك وتعالى أسمع للدعاء وهو أقرب من كل قريب ، وربما اصطدم بمن يقرأ من كتاب بمن أمامه وآذى من حوله، و كم كنت آمل أن أصطحب معي في هذه الرحلة الإيمانيه و العمرة المباركة شقيقي الاصغر وآخر العنقود (عبدالعزيز) و لكن لم تتهيأ الظروف لذلك و قد اشتغل عنا بأمرٍ جلل، أسأل الله له التيسير و التوفيق و أن يمن عليه بالسعادة الغامرة مع الذكر و الابتهال كفاه الله شر كل مآل و جمعه بحسن الابتهال و سعة الرزق و طيبات الأحوال، و هذه لفتة مني له و دعوة أبثها إليه من أطهر بقاع الارض وقد حررت هذه الأسطر والكعبة الشريفة أمامي و عن يميني ماهر العرفاتي و داود الوهيبي.