الشهيد خلفان الغماري يدفن والبندقية في يده

0
4860

بقلم / فارس بن جمعة الوهيبي

أقف متسمراً أمامَ صورةِ الشهيد المقدم الركن خلفان بن ناصر الغماري وهو يقفُ بجانبِ جلالةِ السلطانِ المعظم، وقد ارتديا الزيَ العسكري، فأرفعُ لهما التحية تبجيلاً وتقديراً.

فتحتُ عيناي على الصورةِ منذُ الصغرِ وقد علقت في بيتنا، فلم تغادرْ روح الشهيدِ البطل حتى اللحظةِ سكنى أرضِ الوطن عُمان، تستذكرُ مشهد الراحل وهو يستبسلُ في الدفاعِ ببندقيته عن السيد شبيب بن تيمور مبعوث جلالة السلطان إبان العرضِ العسكري ليومِ النصرِ بجمهوريةِ مصر العربية في السادس من أكتوبر عام ١٩٨١، الذي اغتيل فيه الرئيسُ أنور السادات، ومات المقدم خلفان مقداماً وهو يحملُ بندقيتَه كمحارب، وقف صامداً أمام الرشاشات، وهو يُنحي رؤوسَ الحضورِ في المنصةِ تحت الكراسي

وفي ذات الوقت يخلجُ في شريانِ قلبهِ أبناءه فهد وفيصل، ويرتسمُ أمامهُ مشهد النزول إلى مطارِ السيب الدولي، عله سيرى ابنه فهيما أيضاً.

عاد المقدم خلفان إلى ملاذهِ عُمان ملفوف بعلمِ أم الدنيا، مرصع بكلِ الأنجمِ العسكريةِ، وقد تخطاها قبل أوانها، وفي جثمانهِ عشرين رصاصةً، فيدفنُ في مسقطِ رأسه، وتبقى الرصاصات مخضبة لقبرهِ إلى أن تحين الساعة.

مرت الأيامُ، وما زالت الصورة معلقة في مجلس بيتنا، أقفُ ويقفُ معي فهيم ابن الشهيد أمامها بكلِ اعتزازٍ وفخر، فهيم الذي قضى الكثير من إجازاتِ الصيفِ في منزلنا حينما كنا صغارا، يستشعرُ وجود أبيه أينما حل وارتحل، بل أن البندقيةَ ” اللعبة” لا تفارقه، وفي كلِ وقت يتمتمُ سأكون كوالدي بطلا، وأبي يناظرهُ مستذكراً صديقه الراحل خلفان، وهو مدركٌ تماماً بأنهُ شهيد عند ربهِ يرزقُ.

رحل المقدم خلفان، غيرَ آبهٍ بوسامِ الشجاعةِ العسكريةِ المصري من الطبقةِ الأولى، الذي قلد إياه في إبريل عام ١٩٨٢، وهو يحملُ البندقية في الثرى