الرونق العذب شذرات من اللؤلؤ الرطب ٦

0
2617

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

نعود إليكم أيها الأحباب من بعد الغياب لإكمال سلسلة المقتطفات والقصص والمرويات من الكتاب الجميل اللؤلؤ الرطب في إبراز مستودعات القلب للشيخ الجليل سعيد بن حمد الحارثي رحمه الله وقد توقفنا عند الشذرة الخامسة وذلك منذ عام من الآن وها نحن نُكمل ما بدأنا به ونسأل الله أن يوفقنا لإتمام ما بدأناه فإنه ولي ذلك والقادر عليه فإلى الشذرة السادسة منه .

… وكنا قد توقفنا أيها الأحبة مع أخبار الإمام الرضي سالم بن راشد الخروصي رضي الله عنه يقول شيخي سعيد رضي الله عنه في كتابه القيّم حاكيًا عن الإمام سالم :-

وبعد ما بويع إمامًا ، خاف سلطان بن منصور فما قدر يقابل الإمام إلا بصحبة من الشيخ عيسى .
ووجد ذات يومٍ رجلًا نائمًا في المسجد في القابل قال له : إن المساجد للعبادة لا للنوم وأنت من أهل البلد ، ويرخص للغريب أن ينام فيها .
فرد عليه ردًا قبيحًا ، وقال له : اذهب إلى بلدك إن أردت أن تأمر وتنهى فيها، فنام ، فما شعر إلا وقد حمله أناسٌ لا يعرفهم فرموه خارج البلد، فقام من مكانه ،. وكأنه أُخرج من قبر فأسرع إلى الشيخين السالمي وعيسى ، فأخبرهما بالقضية،. وقال إن هذا الرجل ساحر فاطردوه من البلد فمن لطف الشيخ السالمي أجابه بقوله: اليوم سحرك أنت، فإن طردناه سحرنا كلنا
، فالأحسن أن لا تنام في المساجد مرة أخرى، وإذا أمرك بشىء بعدها فلا تخالفه
وحدث عنه القائم في مسجد القابل قائلًا : ما دخلت المسجد إلا ووجدت سالم بن راشد على المحراب ووجدت عبدالله بن محمد يعني أبا زيد منكبًا على القراءة ، كما حدث قال: من عادتي أن أبقى في المسجد حتى يخرج جميع المصلين بعد صلاة العشاء الآخر، فأطفئ السراج وأغلق الباب حتى آتي صلاة الصبح ، وذات ليلة قام بالفور بعد الصلاة الشيخ محمد بن عبدالله الخليلي الذي صار بعد إمامًا ، فقعد على السراج يقرأ، فلما خرج الناس وقفت على رأسه فقال: ماذا تريد قلت: أطفىء السراج قال: أريد أن أطالع قليلًا أنا أكفيك إطفاءه قال فرجعت عنه ونمتُ في بيتي، وكانت من ليالي الشتاء ، وقمتُ قبيل الفجر إلى المسجد للأذان لصلاة الصبح، فلما دخلت وجدتُ الشيخ كما هو وقت العشاء فوقفتُ على رأسه فرآني قال : قلتُ لك أنا أكفيك إطفاء السراج، فاذهب أنت قلتُ : يا سيدي : ذهبتُ فنمتُ في بيتي، والآن جئتُ لصلاة الصبح قال : سبحان الله ما شعرت بذهاب الليل قال : فترك الكتاب

ومثل هذا ما جرى للشيخ سعيد بن حمد الراشدي في بلد المضيبي أخبرني والدي قال : خرج الشيخ سعيد من المسجد بعد صلاة العشاء ذاهبًا إلى بيته ، فمر عليه أحد من يعرفه وهو واقف بين طريقين قال ذلك الرجل : فما كلمته ، ودخلت بيتي ونمت وخرجت لصلاة الصبح فوجدت الشيخ واقفًا في مكانه : فقلت له ما برحت من هنا ، أو ذهبت ورجعت تقف مرت أخرى قال لم السؤال ؟ قلتُ : مررت عليك بعد العشاء وأنت واقف، وجئت أُصلي الصبح وأنت مكانك قال : ما شعرت بمرور الليل وإني لما مررت على مفترق الطريقين استحضرت قول الله تعالى (( فريقٌ في الجنةِ وفريقٌ في السعير )) صدق الله العظيم فقلتُ في نفسي ليت شعري، في أي الفريقين سأكون؟ فما زلتُ أفكر في هذا حتى هذه الساعة ، والشيخ سعيد هذا هو الذي قال في حقه الشيخ صالح بن علي : ما أعلم على وجه اليسيطة أفضل من هذا الشحص في وقتنا هذا.


روى عن ابنه الشيخ عيسى : خرجتُ أنا وأبي من البيت إلى المسجد فرأيا الشيخ سعيد واقفًا في صرح المسجد قادمًا زئرًا لنا فقال أبي لما رآه تلك المقالة .
أخبرني الشيخ سالم بن حمود السيابي قال : اجتمعت بالشيخ ناصر بن سالم أخ الإمام سالم بن راشد قال: كان لسالم غرائب، منها أيام كنا نتعلم في القابل ، اشتكى إليّ يقول إن هذا الشيطان يريد أن يلعب عليّ : يأتيني في النوم يقول لي : السلام عليك يا إمام المسلمين فقلتُ: هذه أحلام فما اعتبرتها ولكن الآن يأتيني يقظة يواجهني بقوله السلام عليك يا إمام المسلمين ، وأراني كتابة بالخط الكبير سالم بن راشد إمام المسلمين قال فقلتُ له : إذا أتاك مرة أخرى فقل له : إن كان ذلك حقًا فليكن على ألسن الناس قال: فما شعرنا بعد أيام إلا والناس يتحدثون : إن سالم بن راشد سيكون إمامًا ، حتى أنه ذات يوم كان يمشي في الطريق وخلفه إمرأتان تقول إحداهما للأخرى ؛ أعلمتِ أن هذا سيكون إمامًا ؟ قالت الأخرى : كيف يكون إمامًا وهو أعمى قالت : ليس هو بأعمى ، ولكنه لا ينظر إلى شىء فيظنه من رآه بأنه أعمى ، ورأى ذات ليلة في القابل كأنه في حلقة فيها أبو بلال مرداس بن حدير وكأنهم يشربون من كأس واحدة ،. وفي تلك الليلة رأى الشيخ نور الدين نفس الرؤيا، فانتبه فرحًا مسرورًا ، فلما اجتمع به قال : أهلًا بمن شرب من كأس مرداس فتعجب الإمام من ذلك ، قال:أنا الذي رأيت الرؤيا فمن أخبر الشيخ بذلك فإذا هو توارد الخواطر

يتبع …،،