من سرادقات النفس رسائل لمن يهمه الأمر

0
1201

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

.قد مضى العيدُ ولم يغادرني الشوق لتلك الوجوه التي طالما قد سررتُ كثيرًا لرؤيتها ولتلك القلوب التي طالما احتوتني بحبها وأرخت عليّ سدول عطفها بل وطوقتني بحنانها، والكل قد يشاطرني الشوق وخاصةً عالمي الجميل فأقلامي وأوراقي وكرسيي الذي أجلس عليه حتى طاولتي التي أكتبُ عليها هي الأخرى تشاطرني خضم هذا الشوق الذي لا يعلمه إلا الله، أحتسي القهوة فتحتسيني اللهفة وإذا ما أتى وقتُ الضحى أسابق الخُطى قاصدًا تلك المنازل

وقد غادر أهلُها المكان لجنة الخلد وأعلى المنازل لعلي أحظى بعبق الذكرى وبعض الأثر فتلك لعمري بهجة الزائر وشرف كل مريد وواصل، يداهمني المساء وقد نثرت أدمعي من فرط البكاء، فبالرغم من رحابة هذه الحياة وسعتها إلا أن ألم الفقد يعصف بي بين الحين والآخر وكأنه حديث عهد بي فليس لي حيلة بالأشواق ، وقد وصلتكم جميعًا أخبار العُشاق وأحوال كل مُحب ومشتاق، وصدق القائل :-
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها

فالمرء مجبولٌ على هذه العواطف وقد يضعف أمامها وهو شىءٌ في الضمير وفي الوجدان ، أنطلق من ضيق العسر إلى رحابة اليسر فتعترضني الأحزان فأعاجلها بقولي ليس لك في القلب مكان وقد توكلتُ على الرحمٰن الذي له الحمدُ والسبحان والذي بذكره تتحقق المطالبُ وينتفي الحرمان ، ومهما أطبقت عليّ المحن وكبلتني بالقيود وبنت حول جسدي أعمدة وجدران، سأتحرر من كل تلك القيود بآياتٍ من القرآن وسأنسفُ كل الأعمدة باسم الله الصبور مُجلي الأحزان وسأهدمُ تلك الجدران باسمِ الله الصمد المُغيث كل ولهان، فلا حيلة لإنس ولا جن ولا نفس ولا شيطان لمن هذا هو حالهُ، ومسكينٌ هذا الذي تحدثه نفسُهُ بازدرائه أو العبث بخصوصياته وسيأتيه من أمر الله ما لا يستطيع رده وسينقلب الأمر عليه وسيتمنى أنه لم يُقدم على أمر ليس له طاقة به وقدرة عليه والتمني يكون بطبيعة الحال للشيء المُستحيل ، فكم تظلم وكم تطغى وماغرك بربك الأعلى ، ويا أيها السقيم ما غرك بربك الكريم ، هناك من الأنام من يجلب على نفسه مختلف الأوجاع والأسقام وذلك بكثرة الأوزار والآثام والاستمرار في ظلم الأنام ، فلا تظلم أحدا أو تُعينُ على ظلم أحد ، طال الزمن أم قصر حتمًا سيحصد الزارعُ زرعهُ فلينتبه كل واحدٍ منكم لزرعه وسيجني كل واحد ما زرع .