حقائب للرياح

0
2258

محمد بن علي الوهيبي

لهفي على كل طالب علم كان يظن أن الوطن ينتظره بصبر نافذ ليكون (موكابه) وساعده في الصعود إلى الأعلى، ولهفي على كل طالب علم كان يملأ حقائبه المدرسية بالشغف والأحلام الكبيرة والآمال العظيمة قبل أن يملؤها بالكتب والدفاتر وكراريس الخط والرسم وأقلام الرصاص وأقلام الحبر، وعلب أدوات الهندسة.
ولهفي على كل طالب علم كان يرسم الوطن حقل أخضر يحرثه ويسقيه ويجني ثمره

ولهفي على كل طالب كان يردد هذا النشيد في كل صباح

صبَاحُ الخَيْرِ يَا وَطــــــــــــــــنَاً، يَـــــــــــسِيرُ بِمَجْدِهِ العَـــــــالِي إلــــى الأَعْلَى.

ويَا أرْضَـــــــاً عَشِـــــقْــــــــــــــــــنَا رَمْـــــلَــــــــــهَا، والسَّــــــفْـــــحَ والشُطْآنَ والسَّهْلَ.

صباحُ الخيرِ يا قِمَـمَاً، إليكِ الشَّـمْـسُ تُـهْـدي القُبلةَ الأولَى.

وأنــتِ الخَـــــيـــــْرُ يَـــــــا مَــــــــــنْ، في كِـــــــــتَــــــــــــــــــابِ اللهِ ذِكرُكِ آيةً تُتْـلَى.

وأَنْــــــــتِ الخَـــــيْـــــــــــــــــــــــرُ يَــــــــــــــا بَــــــــلَــــــــدِي. يَــــــــا بَــــــلَــــــدِي.

تُـــــــــــــرابُـــــــــــكِ طُــــــهْــــــــــــــرُ مَــــــنْ صَلّى. ومَاؤُكِ مِنْ دَمي أَغْــــــــلَى.

وحُــــــــبّـــــــــــــــكِ هَـــــــــدْيُ مَنْ ضَـــــــــــــلّ. حَمَاكِ الخَالِقُ المَوْلى.

عَـــــــلَى مِـــــنــــــــدِيــــــلِــــــــكِ الأَخْـــــضَر. ســـــــكبتُ عَواطِفي عِطرَا.

وفـــَـــــــوْقَ جَــــــــبـــــــينــــــــــــكِ الأسْــــــــمَرْ. رأيــتُ المَجْدَ والفَخْرَ.

وفِـــــــيـــــــــــــــكِ بِــــــــحُــــــبِّـــــــــــــنَــــــــــــــا الأَكْــــــبَـــــــــــرْ. أَذُوبُ بِـــــلَوْعَةٍ حَرَّى.

أحِـــــــــــنُّ إلــــــــيـــــــــــــكِ أنْـــــــــــــــدَاءً. خُـــــــــيُـــــــــــــوطُ الــــــفَــــــجْـــرِ مِـــــرشَفُهَا.

وألــــــــــحَــــــــــــانَـــــــــــــــــــا عَــــــــــلى أوْتَــــــــارِ. هَــــــــــــذا القَــــلْــــبِ أعْــــــزِفُـــهَــــا.

وَلَوْعَــــــــــةَ عَــــــــــــــــــــاشِــــــــــــــقٍ فِي عَــــــــجْــــــزِهِ. يَــــــــحْــــتَــــــارُ وَاصِـــــفُــــــهَا.

تُـــــــــــــرابُـــــــــــكِ طُــــــهْــــــــــــــرُ مَــــــنْ صَلّى. ومَاؤُكِ مِنْ دَمي أَغْــــــــلَى)

كانت مناهجنا من لبنان ثم من قطر، وبعدها أغرقنا أبناء الوطن في بحور التجريب التعليمية المختلفة من تجارب الأوطان البعيدة والباردة، والتي لا تعرف شمس كشمسنا
ولا تعرف طقس هذه البلاد ومناخه، وبالتأكيد تجهل احتياجاتنا، كما أن تلك البلاد البعيدة لا تعرف قيمنا ، وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا.

وتأتي كل تجربة لتلعن سابقتها.

ويبدو أن الهم الأكبر يتجلى بتقديم المصالح الشخصية والمهام الخارجية للدول الباردة
على حساب ملأ أفئدة أبناء هذا الوطن العزيز بالعلم النافع

وهانحن الآن ندفع ثمن كل التجارب المتخبطة في مخرجات التعليم وسياساته المتعاقبة فلا تجد هذه الأجيال مكاناً لها في خدمة الوطن وتبددت أحلامهم الكبيرة حين وجدوا أنفسهم ضائعين في اختبارات ومقابلات لشغل وظائف هي ليست لهم بل هي لمن كان له معين ومساعد (الواسطة) .

وجل الوظائف الأخرى لمن يأتي من خارج البلاد حيث تحتضنهم مؤسسات العمل في البلاد بكل ود وترحاب وتدير ظهرها لياسمين الوطن ووروده زهوره .

وابتعد من سعى لتأكيد هذا عن مفهوم بأن الإنسان يقوى عزمه باعتماده على نفسه ويضعف باعتماده على غيره.