إستدامة الصندوق الوطني للتدريب “

0
1977

عرف العمانيون منذ أحقاب التاريخ اﻷولى بالتجارة لكن العديد منهم اليوم يصادفون صعوبات جمة ومنها صعوبة استقدام القوى العاملة الماهرة أو شبه الماهرة أو غير الماهرة

 ومعظم من تتحدث إليهم ستجد لديهم هموما حول هذا الموضوع ، حيث أصبح العديد منهم مهددا بإغلاق تجارته أو محاولا إيجاد حلول وقد يعترف البعض منهم بأنها تحايلية وخاصة في المجالس الخاصة ، هذا فيما يخص الاستثمار الداخلي ، والحال يصبح أكثر تعقيدا لجذب الاستثمارات الخارجية ، حيث أصبح مروجو جذب الاستثمارات الخارجية المباشرة كمؤسسة “إثراء” وغرفة التجارة وصناعة عمان ووزارة التجارة والصناعة والمناطق الصناعية لا يقدمون أجوبة صريحة لموضوع العمالة اﻷجنبية وتبقى أجوبتهم إجتهادية ، ومعظم التجار يجمع بأن هذا الموضوع الحساس هو حجز عثرة لكل توسع استثماري سوءاً من المستمرين من داخل السلطنة أو من خارجها.

أتساءل في هذا الوقت العصيب وأسعار النفط تتغير بين لحظة وأخرى: هل سنقف صامتين ومكتوفي اﻷيادي والتفكير ، ونندب حظنا ، ونصاب بالصاعقة ، وننتظر مفاجآت قد تكون سارة بل أكثر ألما ، أم نحاول إيجاد حلول إبداعية وابتكارية وعصرية وديناميكية تتناسب مع سرعة المتغيرات والمعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية .

 فمن وجهة نظري أرى أنه قد حان وقت العمل الجاد والتفكير الاستباقي ، كما أنه أرى ، ومن خلال أزمة النفط الحالية ، يمكن للحكومة أن تحول هذه اﻷزمة إلى فرصة ذهبية لتطويع التشريعات والقوانيين قصد بناء مجتمع صلب منتج ، ونبذ السياسات الريعية التي تساهم في خلق جيل اتكالي ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال حزمة من التشريعات واﻹجراءات والمبادرات تقلل من الفوارق الاجتماعية بين اﻷفراد ، وتبعث برسالة واضحة شفافة مفادها أن لكل مجتهد نصيب.

وفي هذا المقام ، وللتغلب على معضلة جلب العمالة الوافدة للقطاع الخاص ، أقترح على اﻷجهزة التشريعية والتنفيذية في حكومتنا الرشيدة فكرة تفعيل الصندوق وطني للتدريب بعدما تفضل سلطان البلاد المفدى بإصدار مرسوم سامي بإنشاء الصندوق الوطني للتدريب الذي ينصب تركيزه في مجالات محددة لتنمية العنصر البشري العماني ، وأتوقع أن أهم المجالات المقترحة الذي سيهتم بها بعض التخصصات في التدريب المهني والدورات القصيرة التي يمكن من خلال المواءمة بين نظرة المواطن وحاجة سوق العمل لهذه المهن.

ولضمان إستدامة تمويل هذا الصندوق الذي أقترح أن يكون تمويله بواسطة مؤسسات القطاع الخاص وتحقيقا لمبدأ “لا ضرر ولا ضرار” ، بحيث يكون تمويله بالرسوم المفروضة على جلب العمالة الأجنبية بحيث تذهب مداخيلها إلى هذا الصندوق مباشرة ، إضافة إلى مساهمات مؤسسات القطاع الخاص ضمن برنامج مسؤوليتها الاجتماعية ، حتى يتمكن أن ينظم التشوهات الحاصلة في طغيان جنسية أجنبية على أخرى ، والاستفادة أيضا تكون بفرض رسوم مضاعفة لبعض الجنسيات إذا زادت عن الحدود المفروضة من الجهات المختصة أو فرض رسوم إضافية إذا لم تتكمن بعض مؤسسات القطاع الخاص أن تصل لنسبة التعمين المطلوبة ، اﻷثار اﻹيجابية لن تكون في ضمان تمويل الصندوق الجديد بل ستظهر آثار تنظيم “كوتة” الجنسيات بعد عدة أشهر من تطبيقه.

ولا أتخيل أن يتم حل الموضوع الوطني “الجديد القديم” وهو التعمين الذي يتم تداوله منذ خمسة وعشرين عاما حتى هذه اللحظة دون اللجوء إلى تطبيق مبادرة رديفة وطنية جادة وبمباركة سياسية وهو التدريب على رأس العمل وما شابهها في أكثر من جهة ، ولكن لا يوجد توجه وطني واضح للعيان وخطوات تلامس المواطن العادي إلا بعدما ولله الحمد تم اﻹعلان عن هذا الصندوق من سيد عمان المفدى ، وأرى أنه حان الوقت لتبنى هذه المبادرة الوطنية التي يمكن تطورها أو تعديلها وتوفير أليات مناسبة لإستدامتها ووضع ضوابط مناسبة بما يتناسب والأهداف الوطنية التي يراها المشرعون لتحقق أهدافها الوطنية ، وأهمها رفد سوق العمل بالكوادر العمانية المدربة والماهرة ، والتي ستخدم الحاجات الاقتصادية بشكل مستدام لتفادي الحلول الترقيعية والمبادرات الوقتية ، التي من أهم نتائجها تقليل الاستقالات المتواترة المسجلة بين صفوف الشباب العماني في القطاع الخاص، وانتقاله من مؤسسة إلى أخرى ، وقدرته في العمل في بعض الوظائف اﻹدارية والفنية بعد تدريبه وتأهيله بشكل يتوافق مع متطلبات القطاع الخاص.

بقلم / خلفان الطوقي