فلنحافظ على الحلال ليبقى حلالًا

0
2115

بقلم / ماجد بن محمد بن ناصر الوهيبي

في صباح هذا اليوم الجميل أثناء مروري بمركبتي منطلقًا إلى عملي وإذا بالأغنام عن يميني وقد انتشرت طوال ذلك الوادي الجميل من الجفينة إلى طريق العتكية والحاجر رغم حرارة الطقس إلا أن الرعاة يقومون بواجبهم على أكمل وجه وقد راق لي ذلك المنظر البديع وأحيي كل من رعى أغنامه في تلك النواحي من الأودية والبوادي ولم يكلوا أمرها إلى أماكن رمي الفضلات والمخلفات لتقتات من تلك الأماكن كما يفعل البعض حيث يطلقون لأغنامهم العنان للتجول في الأحياء السكنية والأكل من داخل مجامع رمي المخلفات وكثيرًا ما كانت تهجم على البيوت وربما وجدت من أبوابها غرة ومنفذًا لتقضي على مزروعاتهم وتأتي على الأخضر واليابس فتذر تلك المزروعات قاعًا صفصفا>

فيذهب تعب أصحاب تلك البيوت سدىً متكبدين بذلك خسائر السقي المستمر طوال تلك السنوات وخسائر تلك الثمار والمزروعات ولسان الحال ما كنت تسقيه منذ زمن طويل وتهتم به وتوليه العناية القصوى تنسفه هذه الأغنام التي لا ذنب لها في لحظة ، إن أصحاب هذه الأغنام يعلمون تمام العلم ما تسببه أغنامهم من الضرر والأذى لإخوانهم وجيرانهم ولكنهم يكابرون كمن تأخذه العزة بالإثم وتبقى مسألة الانتصار للرأي وحب فرض الشيء وعدم المبالاة بالجيران، فماذا عليهم لو رعوها حق رعايتها وجعلوا لها راعٍ يرعاها ويقوم على شؤونها ويصونها عن بيوت الخلق وعن أماكن رمي المخلفات ويوجهها نحو الأودية والمراعي فما عهدناه وألفناه أن الحلال لا يرعى بمفرده بل بمعية الرعاة وتكون مع أولئك الرعاة في كثيرٍ من الأحيان كلابٌ تحرس تلك الأغنام من أي خطر يتربص بها وقد رأيتُ ذلك بنفسي وأنا أمشي خلال هذه الأودية من وادي عدي وحتى أودية العامرات وبذلك لن يكون هناك أي ضرر على الإطلاق

ولننظر لهذه المسألة نظرة محايدة دون تعصب أو محاباة ولنسلط عليها الضوء عن كثب ، فأنا أحيي أصحاب الأغنام الشرفاء الذين يرعون أغنامهم ويقومون بصونها عن الناس وممتلكاتهم من بيوت ومزروعات ومركبات ربما قد تصعد هذه الأغنام عليها وتوجب لأصحاب هذه المركبات الغُرم وهو فعل محرم في الدين يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا ضرر ولا ضرار ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما يقومون بصونها كذلك عن الأكل من أماكن رمي وجمع الفضلات والمخلفات ناهيك عن هجومها الكاسح على مواد البناء وخاصة البيوت الحديثة التي هي قيد الإنشاء والتي لم تكتمل بعد وقد رأيتها بنفسي وهي تأكل أكياس الإسمنت وتبعثر ما بها من إسمنت هنا وهناك وربما ولج شىء من هذا الإسمنت إلى جوف هذه المواشي متسببة لنفسها بالتسمم والمرض ولغيرها بالضرر والخسائر

فهل هذا الفعل يرضي صاحب هذه الأغنام أليس بهذا الفعل قد وقع في الحرام ، ربما يحتج بعض أصحاب هذه الأغنام بقوله شحت المراعي وكثرت الأحياء السكنية وداهمتنا البيوت فلم يعد هناك متنفس لرعي الأغنام ولم تعد هناك أماكن ضاقت بقعة الرعي وتوسعت رقعة العمران ، ونقول أن البلاد تحسبت لهذا الأمر وجزا الله القائمين على هذا الأمر خير الجزاء فقد تم توفير حظائر لهذه الأغنام وقد سلمت لأصحابها بالتنسيق مع كل من البلدية الموقرة ووزارة الإسكان فأين المشكلة الآن وقد يقول قائل ليست المسألة بهذه السهولة فمن أين أُطعم أغنامي وهي كثيرة جدًا وأنا لا أملك ثمن اطعامها فهي تحتاج إلى طعام وفير ولا أريد أن أبعدها عن مكان سكني أريد أن أراها وهي قريبة مني ، وإني لأتعجب من هذا الأمر ممن يتملك هذا الخير الوفير وهو غير قادر على الإطعام أي أنه استطاع الامتلاك ولم يستطع توفير الطعام حسنًا لم نختلف معك وفر لها راعٍ يرعاها ويصونها عن السكان والممتلكات وإذا كنت غير قادر منذ البداية على توفير الطعام لها والعناية والاهتمام بها فلماذا تنشرها كي تسبب الأذى للناس دون حسيب ولا رقيب أو ليست هذه الأغنام باهظة الثمن قم ببيع بعضها لتوفر بثمنها طعامًا للأخرى إن كنت حقًا لا تملك ثمن الطعام وبذلك تكون قد نأيت بها عن الغرم وعن أذى الناس وتخريب الممتلكات وسيدعو لك الجميع بالخير وأن يبارك لك في رزقك وحلالك وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كما قال عليه الصلاة والسلام، جميل هو الحلال ولكن فلنحافظ عليه ليبقى حلالًا ولا يجرنا هذا الحلال إلى الحرام، إن الاهتمام بالأغنام والقيام برعيها ورعايتها لأمر عظيم وفيه ارتباط وثيق بين الانسان وهذه البهائم العجماء فما بعث الله نبيًا إلا ورعى الغنم ولكن فلنصنها ولننأى بها عن الضرر حتى لا تجلب لنا الجُرم ويترتب بذلك علينا الإثم والغُرم .